هل دعا النبي على أمته؟! وهل مصائب المسلمين بسبب هذا الدعاء؟!



 هل دعا النبي على أمته؟!

هل ما يجري من قتل للمسلمين هو استجابة لدعوة الرسول؟! السلام عليكم منذ ما بعد انتشار رسالة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها رأينا استحرار القتل بالمسلمين على أيدي أعدائهم المختلفين عبر مئات السنين وإلى يومنا هذا ودماء المسلمين تسفك بلا توقف في حروب وفتن واجتياحات وغزو واستعمار في مشارق الأرض ومغاربها ، وإلى جانب القتل ابتلي المسلمين بين فترة وأخرى بأوبئة وطواعين تقتل منهم عشرات الآلاف فهل هذا القتل المستحر والطاعون هو استجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل فناء أمته بالقتل والطاعون؟ وفي تفسيرهم لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا: "اللهم اجعل فناء أمتي قتلا في سبيلك بالطعن والطاعون " قال العلماء : أراد صلى الله عليه وسلم أن يحصل لأمته أرفع أنواع الشهادة وهو القتل في سبيل الله بأيدي أعدائهم إما من الإنس وإما من الجن . وقال السبكي في الفتاوي: (وبهذا تبين مشاركته للقتل في سبيل الله؛ لأنه قتل من كافر لمسلم، بل هو من أعظم الكفار؛ لأنه الشيطان، والشيطان إنما يعادي المسلم على الإسلام). أما الحادثة التي دعت النبي صلى الله عليه وسلم لقول هذا الدعاء، فقد ورد في مسند أحمد عن أبي قلابة قال: أنبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو ذات ليلة يصلي إذ قال في دعائه: فحُمَّى إذًا أو طاعون، فحُمَّى إذًا أو طاعون ثلاث مرات، فلما أصبح قال له إنسان من أهله: يا رسول الله لقد سمعتك الليلة تدعو بدعاء، قال: وسمعتِه؟ قال: نعم، قال: إني سألت ربي عز و جل أن لا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فأبى علي، أو قال: فمنعنيها، فقلت: حُمَّى إذًا أو طاعونًا، حُمَّى إذًا أو طاعونًا، حُمَّى إذًا أو طاعونًا ثلاث مرات. وروى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فناءُ أمتِي بالطعنِ والطاعونِ قالوا يا رسولَ اللهِ هذا الطعنُ قد عرفناه فما الطاعونُ قال وخزُ أعدائكم من الجنِّ، وفي كلٍّ شهادةٌ" رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فَناءُ أُمَّتي"، أي: موتُهم ونهايتُهم، "بالطَّعنِ" وهو القَتلُ، "والطاعونِ"، وهو الوباء المميت والمرض المعروف وهو عبارة عن قروحٌ تَخرجُ في الجَسَدِ؛ فتَكونُ في المَرافقِ أوِ الآباطِ أوِ الأَيدي وسائرِ البَدنِ، ويَكونُ معه وَرَمٌ وألمٌ شَديدٌ، وهو وَباءٍ عامٍّ يَنتَشِرُ بِسُرعةٍ، وفسَّره بأنه "وخْزُ أعدائِكم مِن الجِنِّ"، أي: طَعْنُ الجِنِّ للإنْسانِ، "وفي كُلٍّ شَهادةٌ" أي فإذا ماتَ بسببِ ذلك يكونُ شهيدًا، فهو تبشيرٌ للأُمَّةِ بكثرةِ الشُّهداءِ فيها. قيل: المقصودُ بهذينِ النَّوعينِ مِن القَتْلِ هم طائفةٌ مِن الأُمَّةِ هي التي تموتُ بالقتلِ والشَّهادةِ والطاعونِ، وقد خصَّصها البعضُ بالصَّحابةِ؛ لأنَّ أكثرَهُم مات بالشَّهادةِ أو في الطاعونِ الذي أصابَهم في عَمْواسَ وغيرِها؛ ولأنَّ الأكثرينَ مِن الأُمَّةِ يَموتون بغيرِ ذلك، وقيل: معنى الحديثِ الدُّعاءُ لا الإخبارُ، وقد استُجيبَ في طائفةٍ، وأرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلِك أنْ يحصُلَ لأُمَّتِه أرفَعُ أنواعِ الشَّهادةِ، وهو القتلُ في سَبيلِ اللهِ بأيدي أعدائِهم، إمَّا مِن الإنسِ، وإمَّا مِن الجِنِّ. وفي حديث صححه الألباني رواه أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل بالحمى و الطاعون، فأمسكت الحمى في المدينة و أرسلت الطاعون إلى الشام فالطاعون شهادة لأمتي و رحمة لهم و رجس على الكافرين".وروى مالك وأحمد وغيره وصححه الألباني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون و لا الدجال". وفي الحديث الذي صححه الألباني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي الدجال المدينة فيجد الملائكة يحرسونها فلا يدخلها الدجال و لا الطاعون إن شاء الله تعالى ". وروى مسلم وأحمد عن أسامة بن زيد وغيره من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا الطاعون رجز و بقية عذاب عذب به قوم فإذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه و إذا وقع بأرض و لستم بها فلا تدخلوها". وأخرج السيوطي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الطاعون شهادة لأمتي و وخز أعدائكم من الجن غدة كغدة الإبل تخرج في الآباط و المراقِ، من مات فيه مات شهيدا و من أقام فيه كان كالمرابط في سبيل الله و من فر منه كان كالفار من الزحف" صحيح الألباني. وروى أحمد وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الطاعون كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، و إن الله جعله رحمة للمؤمنين، فليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد". صححه الألباني. ومن أسباب ظهور الطواعين ظهور الفاحشة وإعلانها وانتشارها بين الناس فقد جاء في الحديث الآخر أنه: ما ظهرت الفاحشة في قوم قط يعمل بها فيهم علانية ؛ إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم وفي تفسير علاقة الجن بالطاعون قال بعض العلماء: إن الطاعون وباء وبلاء .. فالوباء من البكتيريا , والبلاء إذا أراد الله تعالى ظهور الطاعون أفسد الهواء وجعله متعفناً فتخرج بسببه الجن لأنه من شأنهم تتبع العفونات، فيختلطون بالناس فيظهر منهم ما سلطوا به. وتعريف الطاعون كونه من طعن الجن لا يخالف ذلك ما قال الأطباء من أسباب ظهوره.. فالأطباء لا يتعرضون لكونه من طعن الجن لأنه أمر لا يدرك بالعقل وإنما يعرف من الشرع قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد : وهذه العلل والأسباب ليس عند الأطباء ما يدفعها ، كما ليس عندهم ما يدل عليها ، والرسل تخبر بالأمور الغائبة ، وهذه الآثار التي أدركوها من أمر الطاعون ليس معهم ما ينفي أن تكون بتوسط الأرواح، فإن تأثير الأرواح في الطبيعة وأمراضها وهلاكها أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وتأثيراتها ، والله سبحانه قد يجعل لهذه الأرواح تصرفاً في أجسام بني آدم عند حدوث الوباء وفساد الهواء . وأضاف ابن القيم إن الأرواح الشيطانية تتمكن ما لم يدفعها دافع أقوى من هذه الأسباب من الذكر والدعاء والابتهال والتضرع والصدقة وقراءة القرآن ، فإنه يستنزل بذلك من الأرواح الملكية ما يقهر هذه الأرواح الخبيثة ويبطل شرها ويدفع تأثيرها ، وقد جربنا نحن وغيرنا هذا مراراً لا يحصيها إلا الله، وهذا يكون قبل استحكامها وتمكنها ، فمن وفقه الله بادر عند إحساسه بأسباب الشر إلى هذه الأسباب التي تدفعها عنه ، وهي له من أنفع الدواء ، وإذا أراد الله عز وجل إنفاذ قضائه وقدره ، أغفل قلب العبد عن معرفتها وتصورها وإرادتها ، فلا يشعر بها ، ولا يريدها ، ليقضي الله فيه أمراً كان مفعولاً . وقال الدكتور محمد علي البار في الاحاديث الواردة في سبب الطاعون وأنها من وخز الجن أو طعنهم : إن لفظ الجن في قواميس اللغة العربية كلها تدور حول معنى من معاني الستر والخفاء : يقال جنَّهُ الليل أي ستره . والجَنان (بالفتح ) : القلب . واستجَنَّ : استتر . والجنين : الولد المختفي في البطن . والجُنَّة : الستر والوقاية . قال تعالى ( اتخذوا أيمانهم جُنَّة ) . والجُنَّة : كل ما استترت من السلاح . والمجِنّ : الترس . والجِنّة : طائفة من الجن . والجن مخلوقات نارية , سُمُّوا كذلك لاختفائهم واستتارهم . والجنون : فقدان العقل واستتاره . والجَنّة : أرض كثيرة الشجر تستر أرضها ومن تحتها . وأضا أن الوخز : هو طعن غير نافذ ، والواقع أن هذه البراغيث التي تطعن في جلد الانسان أو الحيوان بفكيها الحادين تطعن طعنا غير نافذ ، ويسيل دم قليل لا يلحظهُ المرء ، ويتغذى عليه البرغوث وفي أثناء ذلك يقئ ما في معدته المسدودة بميكروب الطاعون الذي ينقله من الجرذان والفئران . وتنساب الميكروبات من مكان الوخزة عبر الاوعية اللمفاوية الى الغدد اللمفاوية في المراقِ أو الابط او العنق حسب مكان الوخزة . وهذه البراغيث تستتر ، وتقوم بهذا الوخز ، وينطبق عليها الوصف تماما ، وتحمله اللغة العربية، وتنتقل هذه الميكروبات التي أثبت العلم تسببها للطاعون ( باذن الله وقدره ) وتسبب هذا الوباء الفتاك . ولفظ الجن في أحاديث الطاعون المرتبط بالوخز أو الطعن يشير الى هذه البراغيث المختفية التي تنقل هذه الميكروبات المسببة لهذا الوباء الخطير . وقد وصف الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه هذا السبب كما وصف أهم أعراض الطاعون حيث قال { غدة كغدة البعير تخرج في المراق والابط } . وهو وصف دقيق كل الدقة لمرض الطاعون الغددي وهو من معجزاته صلى الله عليه وسلم حيث لم يشاهد الرسول صلى الله عليه وسلم أي حالة من حالات الطاعون ، ولا حدث في جزيرة العرب في زمنه . كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ان الطاعون لا يدخل المدينة . وقد دخل الطاعون الى كل بلاد الله قاطبة ما عدا المدينة المنورة , على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم ، وهي كما قال حقا لا يدخلها الطاعون ولا الدجال وهذا من مناقبها العظيمة ومن إعجاز أحاديث المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه التي لا يأتيها الباطل متى ثبتت صحتها. فهو لا يقول الا حقا وصدقا في هزل وجد . وأحب أن أضيف أنا أيضاً فائدة عظيمة وجدتها في في هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل فناء أمته قتلاً في سبيل الله بالطعن والطاعون فمعلوم أن الحياة في هذه الدنيا قصيرة ولا تساوي قطرة في بحر إلى جانب الحياة الأبدية في الآخرة ولأن الجنة درجات فإن النبي صلى الله عليه وسلم من عظيم محبته لامته سأل الله لهم الدرجات العلا من الجنة ومعلوم أن أعلى درجات الجنة هي درجة الأنبياء ثم يليهم الصديقين ثم الشهداء ثم الصالحين فأراد النبي لأمته أن ينالوا أعلى الدرجات بأن يموتوا في هذه الدنيا شهداء بمختلف مسببات الشهادة ليسعدوا في الآخرة بأعلى الدرجات مع الذين أنعم الله عليهم.

تعليقات