قتال
بين جنيين استجار إنسي بأحدهما
روى الْخَرَائِطِيُّ
أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ رَافِعُ بْنُ عُمَيْرٍ َكَانَ
أَهْدَى النَّاسِ لِلطَّرِيقِ وَأَسْرَاهُمْ بِلَيْلٍ وَأَهْجَمَهُمْ عَلَى
هَوْلٍ.
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ لِذَلِكَ دُعْمُوصَ
الْعَرَبِ، لِهِدَايَتِهِ وَجَرَاءَتِهِ عَلَى السَّيْرِ.
فَذَكَرَ عَنْ بَدْءِ
إِسْلَامِهِ قَالَ: إِنِّي لَأَسِيرُ بِرَمْلِ عَالِجٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ
غَلَبَنِي النَّوْمُ فَنَزَلْتُ عَنْ رَاحِلَتِي وَأَنَخْتُهَا وَتَوَسَّدْتُ
ذِرَاعَهَا وَنِمْتُ.
وَقَدْ تَعَوَّذْتُ قَبْلَ نَوْمِي فَقُلْتُ:
أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي من الْجِنّ من أَن أوذى أَوْ أُهَاجَ.
فَرَأَيْتُ فِي
مَنَامِي رَجُلًا شَابًّا يَرْصُدُ نَاقَتِي وَبِيَدِهِ حَرْبَةٌ يُرِيدُ أَنْ
يَضَعَهَا فِي نَحْرِهَا.
فَانْتَبَهْتُ
لِذَلِكَ فَزِعًا فَنَظَرْتُ يَمِينًا وَشمَالًا فَلم أر شَيْئا، فَقلت: هَذَا
حلم.
ثُمَّ عُدْتُ
فَغَفَوْتُ فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي مِثْلَ رُؤْيَايَ الْأُولَى.
فَانْتَبَهْتُ
فَدُرْتُ حَوْلَ نَاقَتِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا وَإِذَا نَاقَتِي تُرْعَدُ.
ثُمَّ غَفَوْتُ
فَرَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَبَهْتُ فَرَأَيْتُ نَاقَتِي تَضْطَرِبُ.
وَالْتَفَتُّ فَإِذَا
أَنَا بَرْجَلٍ شَابٍّ كَالَّذِي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ
وَرَجُلٍ شَيْخٍ مُمْسِكٍ بِيَدِهِ يَرُدُّهُ عَنْهَا وَهُوَ يَقُولُ:
يَا مَالِكُ بن مهلهل
بن دثار * مهلا فدا لَكَ مِئْزَرِي وَإِزَارِي
عَنْ نَاقَةِ
الْإِنْسِيِّ لَا تَعْرِضْ لَهَا * وَاخْتَرْ بِهَا مَا شِئْتَ مِنْ أَثْوَارِي
وَلَقَدْ بَدَا لِي
مِنْكَ مَا لَمْ أحتسب * أَلا رعيت قَرَابَتي وذماري
تَسْمُو إِلَيْهِ
بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ * تَبًّا لِفِعْلِكَ يَا أَبَا الْغَفَّارِ
لَوْلَا الْحَيَاءُ
وَأَنَّ أَهْلَكَ جِيرَةٌ * لَعَلِمْتَ مَا كَشَّفْتَ مِنْ أَخْبَارِي
قَالَ فَأَجَابَهُ
الشَّابُّ وَهُوَ يَقُولُ:
أَأَرَدْتَ أَنْ
تَعْلُو وَتَخْفِضَ ذِكْرَنَا * فِي غَيْرِ مُزْرِيةٍ أَبَا الْعَيْزَارِ
مَا كَانَ فِيهِمْ
سَيِّدٌ فِيمَا مَضَى * إِنَّ الْخِيَارَ هم بَنُو الْأَخْيَارِ
فَاقْصِدْ لِقَصْدِكَ
يَا مُعَكْبِرُ إِنِّمَا * كَانَ الْمُجِيرُ مُهَلْهِلَ بْنَ دِثَارِ
قَالَ: فَبَيْنَمَا
هُمَا يَتَنَازَعَانِ إِذْ طَلَعَتْ ثَلَاثَةُ أَثْوَارٍ مِنَ الْوَحْش.
ِ فَقَالَ الشَّيْخُ
لِلْفَتَى: قُمْ يَا ابْنَ أُخْتِ فَخُذْ أَيُّهَا شِئْتَ فَدَاءً لِنَاقَةِ
جَارِي الْإِنْسِيِّ.
فَقَامَ الْفَتَى
فَأَخَذَ مِنْهَا ثَوْرًا وَانْصَرَفَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَي
الشَّيْخِ فَقَالَ: يَا هَذَا إِذَا نَزَلْتَ وَادِيًا مِنَ الْأَوْدِيَةِ فَخِفْتَ
هَوْلَهُ فَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ مِنْ هَوْلِ هَذَا الْوَادِي.
وَلَا تَعُذْ بِأَحَدٍ
مِنَ الْجِنِّ فَقَدْ بَطَلَ أَمْرُهَا.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ:
وَمَنْ مُحَمَّدٌ هَذَا؟ قَالَ: نَبِيٌّ عَرَبِيٌّ، لَا شَرْقِيٌّ وَلَا
غَرْبِيٌّ، بُعِثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ.
قُلْتُ: وَأَيْنَ
مَسْكَنُهُ؟
قَالَ: يَثْرِبُ ذَاتُ
النَّخْلِ.
قَالَ: فَرَكِبْتُ
رَاحِلَتِي حِينَ بَرَقَ لِيَ الصُّبْحُ وَجَدَدْتُ السَّيْرَ حَتَّى تَقَحَّمْتُ
الْمَدِينَةَ،.
فَرَآنِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَنِي بِحَدِيثِي قَبْلَ أَنْ
أَذْكُرَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا وَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ
جُبَيْرٍ وَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ { وَأَنَّهُ
كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنّ فزادوهم رهقا }.
تعليقات
إرسال تعليق