روى البخاري عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَاعِيَ غَنَمٍ " .
فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ:
وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: " وَأَنَا
رَعَيْتُهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ " .
فَشَبَّ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْلَؤُهُ اللَّهُ وَيَحْفَظُهُ،
وَيَحُوطُهُ مِنْ أَقْذَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، لِمَا يُرِيدُ مِنْ كَرَامَتِهِ
وَرِسَالَتِهِ.
حَتَّى بَلَغَ أَنْ
كَانَ رَجُلًا أَفْضَلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً، وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقًا
وَأَكْرَمَهُمْ حَسَبًا، وَأَحْسَنهمْ جوارا، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا،
وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وَأَعْظَمَهُمْ أَمَانَةً، وَأَبْعَدَهُمْ مِنَ الْفُحْشِ
وَالْأَخْلَاقِ الَّتِي تُدَنِّسُ الرِّجَالَ، تَنَزُّهًا وَتَكَرُّمًا.
حَتَّى مَا اسْمُهُ
فِي قَوْمِهِ إِلَّا الْأمين، لما جمع الله فِيهِ من الْأُمُور الصَّالِحَةِ.
وَكَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحَدِّثُ عَمَّا كَانَ يَحْفَظُهُ
الله بِهِ فِي صِغَرِهِ في الجاهلية قَالَ:
"
لِقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ الْحِجَارَةَ لِبَعْضِ
مَا يَلْعَبُ الْغِلْمَانُ، كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَأَخَذَ إِزَارَهُ وَجَعَلَهُ
عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ.
فَإِنِّي لَأُقْبِلُ
مَعَهُمْ كَذَلِكَ وَأُدْبِرُ إِذْ لَكَمَنِي لَاكَمٌ مَا أَرَاهُ لَكْمَةً
وَجِيعَةً،
ثُمَّ قَالَ: شُدَّ
عَلَيْكَ إزارك.
وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " مَا هَمَمْت بشئ مِمَّا كَانَ أَهْلُ
الْجَاهِلِيَّةِ يَهُمُّونَ بِهِ مِنَ النِّسَاء.
إِلَّا لَيْلَتَيْنِ كلتاهما عصمني الله عزوجل
فِيهِمَا.
قُلْتُ لَيْلَةً
لِبَعْضِ فِتْيَانِ مَكَّةَ - وَنَحْنُ فِي رِعَاءِ غَنَمِ أَهْلِهَا - فَقُلْتُ
لِصَاحِبِي: أَبْصِرْ لِي غَنَمِي حَتَّى أَدْخَلَ مَكَّةَ أَسْمُرُ فِيهَا كَمَا
يَسْمُرُ الْفِتْيَانُ.
فَقَالَ بَلَى.
قَالَ: فَدَخَلْتُ
حَتَّى جِئْتُ أَوَّلَ دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ سَمِعْتُ عَزْفًا بِالْغَرَابِيلِ
وَالْمَزَامِيرِ.
فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ قَالُوا: تَزَوَّجَ فُلَانٌ
فُلَانَةً.
فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ
وَضَرَبَ الله على أذنى فو الله مَا أيقظني إِلَّا مس الشَّمْس.
فَرَجَعت إِلَى صَاحِبِي، فَقَالَ: مَا
فَعَلْتَ؟
فَقُلْتُ: مَا فَعَلْتُ شَيْئًا.
ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ
بِالَّذِي رَأَيْتُ.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ
لَيْلَةً أُخْرَى أَبْصِرْ لِي غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ.
فَفَعَلَ.
فَدَخَلْتُ فَلَمَّا جِئْتُ مَكَّةَ سَمِعْتُ
مِثْلَ الَّذِي سَمِعْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
فَسَأَلْتُ فَقِيلَ
نَكَحَ فُلَانٌ فُلَانَةً،
فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ
وَضَرَبَ اللَّهُ على أذنى، فو الله مَا أيقظني إِلَّا مس الشَّمْس.
فَرَجَعت إِلَى
صَاحِبي فَقَالَ: مَا فعلت؟
فَقلت: لَا شئ.
ثمَّ أخْبرته
الْخَبَر.
فو الله مَا هَمَمْت
وَلَا عدت بعدهمَا لشيء من ذَلِك حَتَّى أكرمني الله عز وجل بِنُبُوَّتِهِ ".
كيف كان ى الله عليه
وسلم ينظر إلى الأصنام في الجاهلية؟!
لقد عصمه الله في
الجاهلية وكرّه إليه الأصنام قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ أُسَامَةَ
بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: كَانَ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ يُقَال
لَهُ إساف ونائلة يَتَمَسَّحُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا.
فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَفْتُ مَعَهُ.
فَلَمَّا مَرَرْتُ
مَسَحْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا تَمَسَّهُ ".
قَالَ زَيْدٌ:
فَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَأَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ،
فَمَسَحْتُهُ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَمْ تُنْهَ "
.
قَالَ زيد: فو الذى
أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا قَطُّ حَتَّى
أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ.
وعندما كان في رحلته
مع عمه أبي طالب إلى الشام ورآه بحيرى الراهب وسَأَلَهُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى
قال: " لَا تَسْأَلْنِي بهما فو الله مَا أَبْغَضْتُ شَيْئًا بُغْضَهُمَا
".
وروى ابْنِ إِسْحَاقَ
عن نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَقَدْ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى دِينِ
قَوْمِهِ.
وَهُوَ يَقِفُ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ بِعَرَفَاتٍ
مِنْ بَيْنِ قَوْمِهِ حَتَّى يَدْفَعَ مَعَهُمْ، تَوْفِيقًا مِنَ الله عزوجل لَهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ:
مَعْنَى قَوْلِهِ: " عَلَى دِينِ قَوْمِهِ " مَا كَانَ بَقِيَ مِنْ
إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ،
وَلَمْ يُشْرِكْ
بِاللَّهِ قَطُّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَيُفْهَمُ مِنْ
قَوْلِهِ هَذَا أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ بِعَرَفَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى
إِلَيْهِ وَهَذَا تَوْفِيقٌ مِنَ اللَّهِ لَهُ.
تعليقات
إرسال تعليق