سر الزلازل والكوارث الطبيعية وكورونا والأوبئة وتسلط العدو والمجاعات وجور الحكام والاقتتال الداخلي!!!



 مثل معادلات الرياضيات 1+1=2 كذلك للعذاب العاجل معادلة من أتى بها استحق العذاب العاجل سواء كان فردا أو جماعة أو دولة..

معادلة استحقاق العذاب العاجل.. أخطر وأهم ما يمكن أن تسمعه.. تنطبق على الأفراد والدول والجماعات

اسمع لتنجو..

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين مالك الملك المتصرف في خلقه كيف يشاء، والصلاة والسلام على النبي محمد البشير النذير وعلى آله الطيبين الطاهرين..

أما بعد

فمن فضل الله ورحمته بعباده أنه لم يتركهم دون أن يبين لهم ويرشدهم إلى طريق الخير ويحذرهم من الشر وسبله، وجعل سبحانه الثواب للمطيعين منهم وجعل العذاب على الزائغين.

فأوضح بجلاء عاقبة التقوى والإيمان كما أوضح بجلاء أيضا عاقبة التمرد والكفران.

قال سبحانه: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.

وقال عز وجل: مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا.

وأخبر عزّ وجل: مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ.

وحتى لا يحتج مارق بأنه لم يكن يدري عاقبة عصيانه كما قال تعالى: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ.

لذلك قال تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ.

وكما بين سبحانه أن الإيمان ينفع صاحبه ويقيه من عذابه: فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ.

أخبر سبحانه عاقبة العتو والتمرد: وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا . فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا . أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا.

وقد توعد سبحانه الأشقياء بالعذاب في الدنيا قبل الآخرة: وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا.

وقد أنزل سبحانه عذابه بالعاتين ابتداء من قوم نوح فمن بعدهم: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ.


وقد بين عزّ وجل أسباب تعذيبه للناس: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
فهو قانون ماضٍ ومعادلة استحقاق للعذاب العاجل لا تتخلف وسنة كونية مشاهدة منذ أول الخلق وإلى يوم القيامة تنطبق على الأفراد كما تنطبق على الدول والجماعات.
طغيان + فساد = عذاب
قال رب العزة: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ.
فمن كان حاله: وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ 
ولأن الله
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ.
فهذا ما ينتظره فلينظر وليعتبر: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
فإن أتاه عذاب الله بأي شكل كان فلا يلومن إلا نفسه: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ.
وقد دعا الملك عزّ وجل عباده لينظروا في الآيات حتى يفقهوها ويعتبروا: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ.
ولا يظن الطغاة المفسدون أنهم في خير بما فتح الله عليهم فعاقبتهم وخيمة عاجلاً وآجلاً: وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ ۖ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ.
لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا.
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
ومن حكمة ورحمة المليك المقتدر بعباده أنه يمهلهم ويدعوهم للتوبة والاستغفار قبل أن يحق عليهم العذاب: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ.
وقد أناط الله بالأمة ما كان يقوم به الأنبياء والرسل تجاه أقوامهم من أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ودعوتهم للإيمان بالله ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ولعلهم يتقون ويرجعون وينتهون عما هم فيه من طغيان وفساد: وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ.
ومن سخافة عقول الطغاة والمفسدين استهزاؤهم بمن ينذرهم  واستعجالهم لنزول العذاب: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ. إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ.
والله عزيز ذو انتقام وهو القاهر فوق عباده ولا يخفى عليه شيئ في الأرض ولا في السماء وإذا مكر الماكرون وكاد المجرمون فهو لهم بالمرصاد وهو خير الماكرين وكيده متين: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ.
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ.

قال سبحانه متوعداً: أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ۚ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.
عذاب الله يستعجله المجرمون استهزاءاً واستخفافاً وهم الذين لا يتحملوا مجرد مس ولفحة منه: وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ.
حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ.
ولأن نفوس المفسدين المجرمين خبيثة فهم مهما رأوا من آيات العذاب لا يؤمنون ولا يرجعون عن غيهم ولا يرتدعون: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ.
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ.
وإذا كان العذاب الأكبر يوم القيامة للمجرمين خالدين فيه أبداً فإن الله يعطيهم فرصة ليعودوا عندما يذيقهم في الدنيا بعض أنواع العذاب: 
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.
ومن خبث نفوس هؤلاء المعذبين أن الآيات والنذر والتخويف لا تؤثر فيهم: وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ۖ وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ.
وكما أن الله ينتقم من الأمة المارقة: فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ.
فإن الشخص المشرك عرضة للعذاب الفردي: فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ.
وقد أكثر سبحانه وتعالى في بيان عاقبة المسيئين خاصة الأقوياء منهم: ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ.
ولا يظن ظان أن هذا العذاب إنما كان للأقوام السابقين وأن من شابههم من أهل هذا الزمان بمنجى منه فقد قال سبحانه عمن عذبهم: فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ۚ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ.
كذلك لا يظنن ظان أن العذاب لا يصيب إلا المشركين الكافرين فقط فقد أخبر سبحانه وتعالى نبيه: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ.
وإذا ظن السادة المقيمين على طغيانهم أنهم قاهرون لعباد الله ومذلين لهم بما يفعلونه بهم فقد خاطبهم الرب الأعلى: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ.
هؤلاء الطغاة المفسدون الضالون هل يظنوا أنهم بمنأى عن أن تجتاحهم جائحة دون ان يكونوا على استعداد لها: أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.
وهذا العذاب للطغاة المفسدين سنة مضت في الأولين ولا تتأخر عن الآخرين: وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا.
ولا يفرحن مجرم وطاغٍ بما أعطاه الله من مكانة وإمكانات وظواهر وقوة: قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ۚ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا.
ما أحمق من يتعرض لعذاب الله: قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ.
إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ.
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ . أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ . ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ . مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ .
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ . فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ .
فمعادلة استحقاق العذاب العاجل على قدر ما هي ظاهرة واضحة بينة يفهمها كل إنسان عالم وغير عالم قارئ وغير قارئ إلا أن أكثر الناس على قلوبهم أكنة وعمى وغشاوة
معادلة استحقاق العذاب
طَغَوْا فِي الْبِلَادِ + َأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ = فصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
ومن الطغيان والفساد عالم يعلم ما أنزل الله من الهدى والبينات ثم يكتمه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ .
وإذا أراد أمثال هؤلاء أن ينجو من لعنة الله فعليهم أن يصلحوا ما أفسدوه بعد أن يتوبوا إلى الله ببيان ما يكتموه من العلم: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . [البقرة : 159-160]
ومن الفساد واستحقاق لعنة الله وعذابه الكفر بعد الإيمان: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ . إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .[آل عمران : 86-89]
والسرقة تجاوز وبغي وفساد جزاؤها التنكيل بالسارق بقطع يده: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .[المائدة : 38-39]
والنفاق من أعظم صور الفساد: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا . إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا . [النساء : 145-146]
ومن مكر الله بالمفسدين الطغاة أنهم بعد أن يصيبهم بعذاب من عنده ثم لا يرتدعوا يفتح عليهم من كل شيء إمكانيات وقوة رغم استمرارهم في الفساد والطغيان ليفرحوا بما أوتوا ثم يباغتهم: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
ومن صور عذابه سبحانه  وتعالى للظالمين المتجاوزين لحدهم أن يأخذ سمعهم أو أبصارهم أو يضل قلوبهم وكما قد تأتيهم هذه العقوبات مفاجأة بغتة قد تأتيهم أيضاً وهم بكامل إمكانياتهم مستعدين لها فلا تنفعهم احتياطاتهم شيئاً :  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ . قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ .
لذا لا أمان للفاسقين المكذبين إلا بأن يصلحوا بعد أن يؤمنوا: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۖ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . [الأنعام : 42-49]
أما المؤمن الذي توديه جهالته إلى فعل السوء فبالتوبة والإصلاح تتنزل عليه المغفرة والرحمة قال الله: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. [الأنعام : 54]
فعلى جميع الأحوال الإصلاح هو العلاج الوحيد والمانع الأكيد لنزول العذاب نتيجة الظلم والفساد قال ربي تبارك وتعالى: فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ . وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ . [هود : 116-117]
فبفسادهم وطغيانهم الذي وصل حد تهديد نبيهم بالقتل رجماً بالحجارة أهلك الله قوم نوح: قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ . قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ .فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ . [الشعراء : 116-120]
وكذا جاء العذاب قوم عاد حين كذبوا نبيهم وتمادوا في طغيانهم: قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ . إِنْ هَٰذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ . وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ . فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ . [الشعراء : 136-139]
وكذا قوم ثمود حين كذبوا نبيهم صالح وبلغوا في طغيانهم أن تمالؤوا على  قتله غيلة قالوا له: مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ . قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ . وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ . فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ . فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ . [الشعراء : 154-158]
وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ . فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . [النمل : 48-52]
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا . إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا . فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا . فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا . [الشمس : 11-14]
وكذا قوم لوط الذين أتوا بما لم يسبقهم أحد بمثله من الفساد: كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ . [الشعراء : 160-161]
فلم ينتهوا عن فسادهم ثم: قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ . قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ . رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ . فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ . ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ . [الشعراء : 167-173]
والله عزّ وجلّ فعال لما يريد يقبض ويبسط يحيي ويميت يخفض ويرفع وكما يبشر الله أولياءه المقربين يشدد النكير على المعرضين كما قال: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ ۖ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ. العنكبوت:31
وكذا قوم شعيب: كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ . [الشعراء : 176-177]
قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ . وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ . فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ . قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ . فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ . [الشعراء : 185-189]
لذلك حذر الله بني إسرائيل بعد أن ذكرهم كيف منّ الله عليهم بالنجاة من عدوهم فرعون وبما رزقهم به من النعم ألا يطغوا: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ . كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ . [طه : 80-81]
وكما جرى مع الأقوام السابقين جاء القرآن الحكيم ليذكر الناس قبل أن يذوقوا ما ذاق غيرهم بظلمهم: كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ . لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ . فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ . أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ . أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ . ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ . مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ . وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ . ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ . [الشعراء : 192-209]
لذلك أمر الله نبيه والمؤمنون معه بالاستقامة وهي نقيض الفساد وألا يطغوا وألا يركنوا لظالم: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ . [هود : 112-113]
وأخبر عز وجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ. [طه : 124]
وفي الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني والحاكم عن ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله» .
وفي الحديث الذي رواه الألباني في صحيح الجامع ورواه أحمد والترمذي عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم".
وفي حديث يبين خمسة من أعظم مظاهر الطغيان والفساد الموجبة لخمسة أنواع متعددة من العذاب رواه الطبراني ورواه الألباني في صحيح الجامع عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خمس بخمس: 
ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم .
وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر .
ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت .
ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين .
ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر» .
وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم بالله أن يدرك أصحابه المهاجرين ما حذر منه فقد روى ابن ماجة والحاكم وصححه الألباني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر المهاجرين! خصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: 
لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا .
ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم .
ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا .
ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم .
وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم» .
ومصداقه قوله تبارك وتعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ . [المائدة : 13-14]
فيا عجباً ممن سيجأر إلى الله غداً بالصياح والصراخ وقد كان يسمع آيات الله تتلى عليه فيولي مستكبراً كأن لم يسمعها: حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ . لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ ۖ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ . قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ . [المؤمنون : 64-66]
ولا يظلم ربك أحدا: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ. [هود : 117]
وما ظلمهم الله ولكن كانوا هم الظالمين قال سبحانه وتعالى: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ. الأنعام:6
وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون قال عزّ وجلّ: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. يونس:13
فالهلاك نتيجة فسق المترفين المتضمن للفساد مع الطغيان: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا. الإسراء:16
وهذا العذاب قاعدة عامة مطردة ومعادلة عادلة لكل من تمادى بطغواه وأكثر في الأرض الفساد: وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا. الإسراء:58
أما توقيت وقوع العقاب وعذاب الله بمن تمرد وطغى فاستحقاقه بفعل الظلم ونزوله بإذن الله متى شاء: وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا. الكهف: 59
وعند وقوع العذاب ينتهي كل ما فعله وكل ما كان فيه العتاة الذين غرتهم أنفسهم وغرهم بالله الغرور فتذهب كأنها لم تكن حضارتهم التي لم يخلق مثلها في البلاد ويدمر العزيز الجبار ذو القوة المتين ما صنعوا وما زخرفوا وما عرشوا وما زين لهم الشيطان: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا. مريم:74
فيصير أولئك الأشقياء الذي طالما ملؤوا الدنيا صخباً وتجبراً وعتواً كأن لم يكونوا: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا. مريم:98
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ. القصص:58
فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ. الحج:45
وهذا كله مصداق وعد الله لعباده الصالحين وأصفيائه من الأنبياء والمرسلين: ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ. الأنبياء:9
وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ.
اللهم ألهم نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا واصرف عنا شر ما قدرت وقضيت.
اللهم انفعنا بالقرآن الكريم وبالذكر الحكيم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى الأنبياء والمرسلين وعلى آل محمد وأصحابه وسلم.تسليماً كثيرا.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

تعليقات