قصة الجني الذي ستتعاطف معه بشكل أكيد



روى الْخَرَائِطِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَذَاكَرُونَ فَضَائِلَ الْقُرْآنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَوَاتِيمُ سُورَةِ النَّحْلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُورَةُ يس. وَقَالَ عَلِيٌّ: فَأَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ فَضِيلَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ: أما إِنَّهَا سَبْعُونَ كلمة فِي كل كلمة بركَة. قَالَ: وفى الْقَوْم عَمْرو بن معدى كرب لَا يُحِيرُ جَوَابًا. فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا ثَوْرٍ. قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذْ جَهَدَنِي الْجُوع. ُ فَأَقْحَمْتُ فَرَسِي فِي الْبَرِّيَّةِ فَمَا أَصَبْتُ إِلَّا بَيْضَ النَّعَامِ. فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ عَرَبِيٍّ فِي خَيْمَةٍ، وَإِلَى جَانِبِهِ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا شَمْسٌ طَالِعَةٌ وَمَعَهُ غُنَيْمَاتٌ لَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: اسْتَأْسِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ. فَرَفَعَ رَأَسَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا فَتَى إِنْ أَرَدْتَ قِرًى فَانْزِلْ وَإِنْ أَرَدْتَ مَعُونَةً أَعَنَّاكَ. فَقُلْتُ لَهُ: اسْتَأْسِرْ. فَقَالَ: عَرَضْنَا عَلَيْكَ النُّزْلَ مِنَّا تَكَرُّمًا * فَلَمْ تَرْعَوِي جَهْلًا كَفِعْلِ الْأَشَائِمِ وَجِئْتَ بِبُهْتَانٍ وَزُورٍ وَدُونَ مَا * تَمَنَّيْتَهُ بالبيض حز الغلاصم قَالَ: وَوَثَبَ إِلَيَّ وَثْبَةً وَهُوَ يَقُولُ: بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. فَكَأَنِّي مثلت تَحْتَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَقْتُلُكَ أَمْ أُخَلِّي عَنْكَ؟ قُلْتُ: بَلْ خَلِّ عَنِّي. قَالَ: فَخَلَّى عَنِّي. ثُمَّ إِن نَفسِي جاذبتني بِالْمُعَاوَدَةِ. فَقُلْتُ اسْتَأْسِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ . فَقَالَ: بِبِسْمِ اللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فُزْنَا * هُنَالِكَ وَالرَّحِيمِ بِهِ قَهَرْنَا وَمَا تُغْنِي جَلَادَةُ ذِي حِفَاظٍ * إِذَا يَوْمًا لِمَعْرَكَةٍ بَرَزْنَا ثُمَّ وَثَبَ لِي وَثْبَةً كَأَنِّي مَثَلْتُ تَحْتَهُ. فَقَالَ: أَقْتُلُكَ أَمْ أُخَلِّي عَنْكَ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلْ خَلِّ عَنِّي. فَخَلَّى عَنِّي فَانْطَلَقْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ. ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا عَمْرُو أَيَقْهَرُكَ هَذَا الشَّيْخُ! وَاللَّهِ لَلْمَوْتُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْحَيَاةِ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: اسْتَأْسِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ. فَوَثَبَ إِلَيَّ وَثْبَةً وَهُوَ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَكَأَنِّي مَثَلْتُ تَحْتَهُ. فَقَالَ: أَقْتُلُكَ أَمْ أُخَلِّي عَنْكَ؟ قُلْتُ: بَلْ خَلِّ عَنِّي. فَقَالَ: هَيْهَاتَ، يَا جَارِيَةُ ائْتِينِي بِالْمُدْيَةِ. فَأَتَتْهُ بِالْمُدْيَةِ فَجَزَّ نَاصِيَتِي. وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا ظَفِرَتْ بِرَجُلٍ فَجَزَّتْ نَاصِيَتَهُ اسْتَعْبَدَتْهُ، فَكُنْتُ مَعَهُ أَخْدِمُهُ مُدَّةً. ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: يَا عَمْرُو أُرِيدُ أَنْ تَرْكَبَ مَعِيَ الْبَرِّيَّةَ وَلَيْسَ بي مِنْك وَجل، فإني بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَوَاثِقٌ. قَالَ: فَسِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا وَادِيًا أَشِبًا مُهَوِّلًا مُغَوِّلًا. فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَلَمْ يَبْقَ طَيْرٌ فِي وَكره إِلَّا طَار. ثمَّ أعَاد القَوْل فَلَمْ يَبْقَ سَبْعٌ فِي مَرْبِضِهِ إِلَّا هَرَبَ. ثُمَّ أَعَادَ الصَّوْتَ فَإِذَا نَحْنُ بِحَبَشِيٍّ قَدْ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الْوَادِي كَالنَّخْلَةِ السَّحُوقِ. فَقَالَ لى: يَا عَمْرو إِذَا رَأَيْتَنَا قَدِ اتَّحَدْنَا فَقُلْ: غَلَبَهُ صَاحِبِي بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا قَدِ اتَّحَدَا قُلْتُ: غَلَبَهُ صَاحِبِي بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى. فَلَمْ يَصْنَعِ الشَّيْخُ شَيْئًا. فَرَجَعَ إِلَيَّ وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ خَالَفْتَ قَوْلِي. قُلْتُ: أَجَلْ . وَلَسْتُ بِعَائِدٍ. فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَنَا قَدِ اتَّحَدْنَا فَقُلْ غَلَبَهُ صَاحِبِي بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقُلْتُ: أَجَلْ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا قَدِ اتَّحَدَا قُلْتُ: غَلَبَهُ صَاحِبِي بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فاتكأ عَلَيْهِ الشَّيْخ فبعجه بِسَيْفِهِ فاشتق بَطْنه. فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا كَهَيْئَةِ الْقِنْدِيلِ الْأَسْوَدِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَمْرُو هَذَا غِشُّهُ وَغِلُّهُ. ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرِي مَنْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: تِلْكَ الفارعة بنت السَّلِيل الجرهمى من خِيَار الْجِنّ. وَهَؤُلَاء أَهلهَا بَنو عَمِّهَا يَغْزُونِي مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ رَجُلٌ يَنْصُرُنِي اللَّهُ عَلَيْهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَأَيْتَ مَا كَانَ مِنِّي إِلَى الحبشي. وَقد غلب علي الْجُوع فائتني بشيء آكُلُهُ. فَأَقْحَمْتُ بِفَرَسِي الْبَرِّيَّةَ فَمَا أَصَبْتُ إِلَّا بَيْضَ النَّعَامِ. فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ نَائِمًا، وَإِذَا تَحت رَأسه شيء كَهَيْئَةِ الْخَشَبَةِ. فَاسْتَلَلْتُهُ فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ عَرْضُهُ شِبْرٌ فِي سَبْعَةِ أَشْبَارٍ. فَضَرَبْتُ سَاقَيْهِ ضَرْبَةً أبنت السَّاقَيْن مَعَ الْقَدَمَيْنِ. فَاسْتَوَى على قفا ظَهْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ قَاتَلَكَ اللَّهُ مَا أَغْدَرَكَ يَا غَدَّارُ. قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ مَاذَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ بِسَيْفِي حَتَّى قَطَّعْتُهُ إِرْبًا إِرْبًا. قَالَ فَوَجَمَ لِذَلِكَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: بِالْغَدْرِ نِلْتَ أَخَا الْإِسْلَامِ عَنْ كَثَبٍ * مَا إِنْ سَمِعْتُ كَذَا فِي سَالِفِ الْعَرَبِ وَالْعُجْمُ تَأْنَفُ مَمَّا جِئْتَهُ كَرَمًا * تَبًّا لِمَا جِئْتَهُ فِي السَّيِّدِ الْأَرَبِ إِنِّي لَأَعْجَبُ أَنِّي نِلْتَ قِتْلَتَهُ * أَمْ كَيْفَ جَازَاكَ عِنْدَ الذَّنْبِ لَمْ تَنُبِ؟ قِرْمٌ عَفَا عِنْكَ مَرَّاتٍ وَقَدْ عَلِقَتْ * بِالْجِسْمِ مِنْكَ يَدَاهُ مَوْضِعَ الْعَطَبِ لَوْ كُنْتُ آخُذُ فِي الْإِسْلَامِ مَا فَعَلُوا * فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَهْلُ الشِّرْكِ وَالصُّلُبِ إِذًا لَنَالَتْكَ مِنْ عَدْلِي مُشَطِّبَةٌ * تَدْعُو لِذَائِقِهَا بِالْوَيْلِ وَالْحَرَبِ قَالَ: ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ حَالِ الْجَارِيَةِ؟ قُلْتُ: ثُمَّ إِنِّي أَتَيْتُ الْجَارِيَةَ. فَلَمَّا رَأَتْنِي قَالَتْ: مَا فَعَلَ الشَّيْخُ؟ قُلْتُ: قَتَلَهُ الْحَبَشِيُّ. فَقَالَتْ: كَذَبْتَ بَلْ قَتَلْتَهُ أَنْتَ بِغَدْرِكَ . ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقول: يَا عَيْنُ جُودِي لِلْفَارِسِ الْمِغْوَارِ * ثُمَّ جُودِي بِوَاكِفَاتٍ غزار لَا تملى الْبكاء إِذْ خانك الدهر * بواف ذي حَقِيقَةً صَبَّارِ وَتَقِيٍّ وَذِي وَقَارٍ وَحِلْمٍ * وَعَدِيلِ الْفَخَارِ يَوْمَ الْفَخَارِ لَهْفَ نَفْسِي عَلَى بَقَائِكَ عَمْرُو * أَسْلَمَتْكَ الْأَعْمَارُ لِلْأَقْدَارِ وَلَعَمْرِي لَوْ لَمْ ترمه بغدر * رمت ليثا كصارم بِتَّارِ قَالَ: فَأَحْفَظَنِي قَوْلُهَا فَاسْتَلَلْتُ سَيْفِي وَدَخَلْتُ الْخَيْمَةَ لِأَقْتُلَهَا فَلَمْ أَرَ فِي الْخَيْمَةِ أَحَدًا. فَاسْتَقْتُ الْمَاشِيَةَ وَجِئْتُ إِلَى أَهْلِي. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ كَانَ مِنَ الْجَانِّ وَكَانَ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، وَفِيمَا تَعَلَّمَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.وَكَانَ يَتَعَوَّذُ بِهَا.

تعليقات