الجن
يدعو سادن الصنم للإسلام
روى
أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
الْعُمَانِيِّ قَالَ:
كَانَ مِنَّا رَجُلٌ
يُقَالَ لَهُ مَازِن بن العضوب يَسْدُنُ صَنَمًا بِقَرْيَةٍ يُقَالَ لَهَا
سَمَايَا، مِنْ عُمَانَ.
وَكَانَتْ تُعَظِّمُهُ
بَنُو الصَّامِتِ وَبَنُو حُطَامَةَ وَمَهْرَةُ وَهُمْ أَخْوَالُ مَازِنٍ.
قَالَ
مَازِنٌ: فَعَتَرْنَا يَوْمًا عِنْدَ الصَّنَمِ عَتِيرَةً، وَهِيَ الذَّبِيحَةُ.
فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ
الصَّنَمِ يَقُولُ:
يَا مَازِنُ اسْمَعْ
تُسَرَّ، ظَهَرَ خَيْرٌ وَبَطَنَ شَرٌّ، بُعِثَ نَبِيٌّ مِنْ مُضَرْ، بِدِينِ
اللَّهِ الْأَكْبَرْ، فَدَعْ نَحِيَتًا مَنْ حَجَرْ، تَسْلَمْ مِنْ حَرِّ سَقَرْ.
قَالَ:
فَفَزِعْتُ لِذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا.
ثُمَّ
عَتَرْنَا بَعْدَ أَيَّامٍ عتيرة أُخْرَى، فسَمِعت صَوْتًا مِنَ الصَّنَمِ
يَقُولُ:
أَقْبِلْ
إِلَيَّ أَقْبِلْ، تَسْمَعْ مَا لَا تَجْهَلْ، هَذَا نَبِيٌّ مُرْسَلْ، جَاءَ
بِحَقٍّ مُنْزَلْ، فَآمِنْ بِهِ كَيْ تَعْدِلْ، عَنْ حَرِّ نَارٍ تُشْعَلْ،
وَقُودُهَا الْجَنْدَلْ.
قَالَ
مَازِنٌ: فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ، وَإِنَّ هَذَا لَخَيْرٌ يُرَادُ بِي.
وَقَدِمَ
عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الْحِجَازِ فَقُلْتُ: مَا الْخَبَرُ وَرَاءَكَ؟
فَقَالَ:
ظَهَرَ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ أَحْمَدُ، يَقُولُ لِمَنْ أَتَاهُ: أَجِيبُوا دَاعِيَ
اللَّهِ.
فَقُلْتُ:
هَذَا نَبَأُ مَا سَمِعْتُ.
فَثُرْتُ
إِلَى الصَّنَمِ فَكَسَرْتُهُ جُذَاذًا وَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَرَحَ اللَّهُ
صَدْرِي لِلْإِسْلَامِ، فَأسْلمت.
فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرُؤٌ مُولَعٌ بالطرب وبالهلوك إِلَى النِّسَاءِ
وَشُرْبِ الْخَمْرِ.
وَأَلَحَّتْ
عَلَيْنَا السُّنُونَ فَأَذْهَبْنَ الأموال وأهزلن السراري، وَلَيْسَ لي ولد.
فَادع
اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَ عَنِّي مَا أَجِدُ وَيَأْتِيَنَا بِالْحَيَاءِ، ويهب لي
ولد.
فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ
بِالطَّرَبِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَبِالْحَرَامِ الْحَلَالَ وَبِالْإِثْمِ
وبالعهر عفة، وآته بِالْحَيَاءِ، وَهَبْ لَهُ وَلَدًا ".
قَالَ
فَأَذْهَبُ اللَّهُ عَنِّي مَا أَجِدُ، وَأُخْصِبَتْ عُمَانُ، وَتَزَوَّجْتُ
أَرْبَعَ حَرَائِرَ، وَحَفِظْتُ شَطْرَ الْقُرْآنِ، وَوَهَبَ لِي حَيَّانَ بْنَ
مَازِنٍ.
وَأَنْشَأَ
يَقُولُ:
إِلَيْكَ
رَسُولَ اللَّهِ خَبَّتْ مَطِيَّتِي
َتجَوبُ الْفَيَافِي مِنْ عُمَانَ إِلَى الْعَرْجِ
لِتَشْفَعَ
لِي يَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى
فَيَغْفِرَ لِي رَبِّي فَأَرْجِعَ بِالْفَلْجِ
إِلَى
مَعْشَرٍ خَالَفْتُ فِي اللَّهِ دِينَهُمْ
فَلَا رَأْيُهُمْ رَأْيِي وَلَا شرجهم شرجي
وَكنت
امْرَءًا بِالْخَمْرِ وَالْعَهْرِ مُولَعًا
شَبَابِيَ حَتَّى آذَنَ الْجِسْمُ بِالنَّهْجِ
فَبَدَّلَنِي
بِالْخَمْرِ خَوْفًا وَخَشْيَةً
وَبِالْعَهْرِ إِحْصَانًا فَحَصَّنَ لِي فَرْجِي
فَأَصْبَحْتُ
هَمِّي فِي الْجِهَادِ وَنِيَّتِي
فَلِلَّهِ مَا صَوْمِي وَلِلَّهِ مَا حَجِّي
قَالَ:
فَلَمَّا أَتَيْتُ قَوْمِي أَنَّبُونِي وَشَتَمُونِي، وَأَمَرُوا شَاعِرًا لَهُمْ
فَهَجَانِي، فَقُلْتُ إِنْ رَدَدْتُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا أَهْجُو نَفْسِي.
فَرَحَلْتُ
عَنْهُمْ فَأَتَتْنِي مِنْهُمْ زُلْفَةٌ عَظِيمَةٌ، وَكُنْتُ الْقَيِّمَ
بِأُمُورِهِمْ.
فَقَالُوا:
يَا ابْن عَم عبِنَا عَلَيْكَ أَمَرًا وَكَرِهْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَيْتَ ذَلِكَ
فَارْجِعْ وَقُمْ بِأُمُورِنَا، وَشَأْنُكَ وَمَا تَدِينُ بِهِ.
فَرَجَعت
مَعَهم وَقلت:
لَبُغْضُكُمْ
عِنْدَنَا مُرٌّ مَذَاقَتُهُ وَبُغْضُنَا
عِنْدَكُمْ يَا قَوْمَنَا لَبَنُ
لَا
يَفْطِنُ الدَّهْرُ إِنْ بُثَّتْ مَعَائِبُكُمْ
وَكُلُّكُمْ حِينَ يُثْنَى عَيْبُنَا فَطِنُ
شَاعِرُنَا
مُفْحَمٌ عَنْكُمْ وَشَاعِرُكُمْ فِي
حَدْبِنَا مُبْلِغٌ فِي شَتْمِنَا لَسِنُ
مَا
فِي الْقُلُوبِ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا وَغِرٌ
وَفِي قُلُوبِكُمُ الْبَغْضَاءُ وَالْإِحَنُ
قَالَ
مَازِنٌ: فهداهم الله بعد إِلَى الإسلام
جَمِيعًا.
جني
يمتنع عن الزنا بعد ظهور الإسلام
َرَوَى
الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ
أَوَّلَ خَبَرٍ كَانَ بِالْمَدِينَةِ بِمَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ
الْجِنِّ.
فَجَاءَ
فِي صُورَةِ طَائِرٍ أَبْيَضَ فَوَقَعَ عَلَى حَائِطٍ لَهُمْ، فَقَالَتْ لَهُ:
لِمَ لَا تَنْزِلُ إِلَيْنَا فَتُحَدِّثَنَا وَنُحَدِّثَكَ، وَتُخْبِرَنَا
وَنُخْبِرَكَ؟
فَقَالَ
لَهَا: إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ بِمَكَّةَ حَرَّمَ الزِّنَا وَمَنَعَ مِنَّا
الْقَرَارَ.
شعر
لجني يدعو للإيمان بالنبي
تَرَدَّى
لِمَوْلُوْدٍ أَنَارَتْ بِنُورِهِ * جَمِيعُ فِجَاجِ الْأَرْضِ فِي الشَّرْقِ
وَالْغَرْبِ
وَخرَّتْ
لَهُ الْأَوْثَانُ طُرًّا وَأُرْعِدَتْ * قُلُوبُ مُلُوكِ الْأَرْضِ طُرًّا مِنَ
الرُّعْبِ
وَنَارُ
جَمِيعِ الْفُرْسِ بَاخَتْ وَأَظْلَمَتْ * وَقَدْ بَاتَ شَاهُ الْفُرْسِ فِي
أَعْظَمِ الْكَرْبِ
وَصُدَّتْ
عَنِ الْكُهَّانِ بِالْغَيْبِ جِنُّهَا * فَلَا مخبر عَنْهُم بِحَق وَلَا كذب
فيا لقصى إِرْجِعُوا عَنْ
ضَلَالِكُمْ * وَهُبُّوا إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ
كيف
كان إسلام العباس بن مرداس
روى
الْخَرَائِطِيُّ أن الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ كَانَ فِي لَقَاحٍ لَهُ منتصف
النَّهَارِ .
إِذْ
طَلَعَتْ عَلَيْهِ نَعَامَةٌ بَيْضَاءُ عَلَيْهَا رَاكِبٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاض
مِثْلُ اللَّبَنِ .
فَقَالَ:
يَا عَبَّاسُ بْنَ مِرْدَاسٍ، ألم تَرَ أَن السَّمَاء قد كَفَتْ أَحْرَاسَهَا،
وَأَنَّ الْحَرْبَ تَجَرَّعَتْ أَنْفَاسَهَا، وَأَنَّ الْخَيْلَ وَضَعَتْ
أَحْلَاسَهَا، وَأَنَّ الَّذِي نَزَلَ بِالْبِرِّ وَالتَّقوى، يَوْم الِاثْنَيْنِ
لَيْلَة الثُّلَاثَاء، صَاحب النَّاقة القصوى.
قَالَ:
فَرَجَعْتُ مَرْعُوبًا قَدْ رَاعَنِي مَا رَأَيْتُ وَسَمِعْتُ.
حَتَّى
جِئْتُ وَثَنًا لَنَا يُدْعَى الضِّمَارَ وَكُنَّا نَعْبُدُهُ وَنُكَلَّمُ مَنْ
جَوْفِهِ .
فَكَنَسْتُ
مَا حَوْلَهُ ثُمَّ تَمَسَّحْتُ بِهِ وَقَبَّلْتُهُ فَإِذَا صَائِحٌ مَنْ جَوْفِهِ
يَقُولُ:
قُلْ
لِلْقَبَائِلِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا * هَلَكَ الضَّمَارُ وَفَازَ أَهْلُ
الْمَسْجِدِ
هَلَكَ
الضمار وَكَانَ يعبد مرّة * قبل الصَّلَاة مَعَ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
إِنَّ
الَّذِي وَرِثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى * بَعْدَ ابْنِ مَرْيَم من قُرَيْش مهتدى
قَالَ:
فَخَرَجْتُ مَرْعُوبًا حَتَّى أَتَيْتُ قَوْمِي فَقَصَصْتُ عَلَيْهِم الْقِصَّة
وَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر، وَخَرَجْتُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ قَوْمِي بَنِي
حَارِثَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ
بِالْمَدِينَةِ.
فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ،
فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي:
" يَا عَبَّاسُ كَيْفَ كَانَ إِسْلَامُكَ "؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ
الْقِصَّةَ.
قَالَ
فَسُرَّ بِذَلِكَ وَأَسْلَمْتُ أَنَا وَقَوْمِي.
قتال
بين جنيين استجار إنسي بأحدهما
روى
الْخَرَائِطِيُّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ رَافِعُ بْنُ
عُمَيْرٍ َكَانَ أَهْدَى النَّاسِ لِلطَّرِيقِ وَأَسْرَاهُمْ بِلَيْلٍ
وَأَهْجَمَهُمْ عَلَى هَوْلٍ.
وَكَانَتِ الْعَرَبُ
تُسَمِّيهِ لِذَلِكَ دُعْمُوصَ الْعَرَبِ، لِهِدَايَتِهِ وَجَرَاءَتِهِ عَلَى
السَّيْرِ.
فَذَكَرَ
عَنْ بَدْءِ إِسْلَامِهِ قَالَ: إِنِّي لَأَسِيرُ بِرَمْلِ عَالِجٍ ذَاتَ لَيْلَةٍ
إِذْ غَلَبَنِي النَّوْمُ فَنَزَلْتُ عَنْ رَاحِلَتِي وَأَنَخْتُهَا وَتَوَسَّدْتُ
ذِرَاعَهَا وَنِمْتُ.
وَقَدْ تَعَوَّذْتُ قَبْلَ
نَوْمِي فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي من الْجِنّ من أَن أوذى أَوْ
أُهَاجَ.
فَرَأَيْتُ
فِي مَنَامِي رَجُلًا شَابًّا يَرْصُدُ نَاقَتِي وَبِيَدِهِ حَرْبَةٌ يُرِيدُ أَنْ
يَضَعَهَا فِي نَحْرِهَا.
فَانْتَبَهْتُ
لِذَلِكَ فَزِعًا فَنَظَرْتُ يَمِينًا وَشمَالًا فَلم أر شَيْئا، فَقلت: هَذَا
حلم.
ثُمَّ
عُدْتُ فَغَفَوْتُ فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي مِثْلَ رُؤْيَايَ الْأُولَى.
فَانْتَبَهْتُ
فَدُرْتُ حَوْلَ نَاقَتِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا وَإِذَا نَاقَتِي تُرْعَدُ.
ثُمَّ
غَفَوْتُ فَرَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَبَهْتُ فَرَأَيْتُ نَاقَتِي تَضْطَرِبُ.
وَالْتَفَتُّ
فَإِذَا أَنَا بَرْجَلٍ شَابٍّ كَالَّذِي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بِيَدِهِ
حَرْبَةٌ وَرَجُلٍ شَيْخٍ مُمْسِكٍ بِيَدِهِ يَرُدُّهُ عَنْهَا وَهُوَ يَقُولُ:
يَا
مَالِكُ بن مهلهل بن دثار * مهلا فدا لَكَ مِئْزَرِي وَإِزَارِي
عَنْ
نَاقَةِ الْإِنْسِيِّ لَا تَعْرِضْ لَهَا * وَاخْتَرْ بِهَا مَا شِئْتَ مِنْ
أَثْوَارِي
وَلَقَدْ
بَدَا لِي مِنْكَ مَا لَمْ أحتسب * أَلا رعيت قَرَابَتي وذماري
تَسْمُو
إِلَيْهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ * تَبًّا لِفِعْلِكَ يَا أَبَا الْغَفَّارِ
لَوْلَا
الْحَيَاءُ وَأَنَّ أَهْلَكَ جِيرَةٌ * لَعَلِمْتَ مَا كَشَّفْتَ مِنْ أَخْبَارِي
قَالَ
فَأَجَابَهُ الشَّابُّ وَهُوَ يَقُولُ:
أَأَرَدْتَ
أَنْ تَعْلُو وَتَخْفِضَ ذِكْرَنَا * فِي غَيْرِ مُزْرِيةٍ أَبَا الْعَيْزَارِ
مَا
كَانَ فِيهِمْ سَيِّدٌ فِيمَا مَضَى * إِنَّ الْخِيَارَ هم بَنُو الْأَخْيَارِ
فَاقْصِدْ
لِقَصْدِكَ يَا مُعَكْبِرُ إِنِّمَا * كَانَ الْمُجِيرُ مُهَلْهِلَ بْنَ دِثَارِ
قَالَ:
فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَنَازَعَانِ إِذْ طَلَعَتْ ثَلَاثَةُ أَثْوَارٍ مِنَ الْوَحْش.
ِ
فَقَالَ الشَّيْخُ لِلْفَتَى: قُمْ يَا ابْنَ أُخْتِ فَخُذْ أَيُّهَا شِئْتَ
فَدَاءً لِنَاقَةِ جَارِي الْإِنْسِيِّ.
فَقَامَ
الْفَتَى فَأَخَذَ مِنْهَا ثَوْرًا وَانْصَرَفَ.
ثُمَّ
الْتَفَتَ إِلَي الشَّيْخِ فَقَالَ: يَا هَذَا إِذَا نَزَلْتَ وَادِيًا مِنَ الْأَوْدِيَةِ
فَخِفْتَ هَوْلَهُ فَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ مِنْ هَوْلِ هَذَا
الْوَادِي.
وَلَا
تَعُذْ بِأَحَدٍ مِنَ الْجِنِّ فَقَدْ بَطَلَ أَمْرُهَا.
قَالَ:
فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ مُحَمَّدٌ هَذَا؟ قَالَ: نَبِيٌّ عَرَبِيٌّ، لَا شَرْقِيٌّ
وَلَا غَرْبِيٌّ، بُعِثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ.
قُلْتُ:
وَأَيْنَ مَسْكَنُهُ؟
قَالَ:
يَثْرِبُ ذَاتُ النَّخْلِ.
قَالَ:
فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حِينَ بَرَقَ لِيَ الصُّبْحُ وَجَدَدْتُ السَّيْرَ حَتَّى
تَقَحَّمْتُ الْمَدِينَةَ،.
فَرَآنِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَنِي بِحَدِيثِي
قَبْلَ أَنْ أَذْكُرَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا وَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ
فَأَسْلَمْتُ.
قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ
فِيهِ { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ
الْجِنّ فزادوهم رهقا }.
قصة
الجني الذي ستتعاطف معه يقينا..
روى
الْخَرَائِطِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَذَاكَرُونَ فَضَائِلَ الْقُرْآنِ فَقَالَ
بَعْضُهُمْ: خَوَاتِيمُ سُورَةِ النَّحْلِ.
وَقَالَ
بَعْضُهُمْ: سُورَةُ يس.
وَقَالَ
عَلِيٌّ: فَأَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ فَضِيلَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ: أما إِنَّهَا
سَبْعُونَ كلمة فِي كل كلمة بركَة.
قَالَ:
وفى الْقَوْم عَمْرو بن معدى كرب لَا يُحِيرُ جَوَابًا.
فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتُمْ
عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: حَدِّثْنَا يَا
أَبَا ثَوْرٍ.
قَالَ:
بَيْنَا أَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذْ جَهَدَنِي الْجُوع.
ُ
فَأَقْحَمْتُ فَرَسِي فِي الْبَرِّيَّةِ فَمَا أَصَبْتُ إِلَّا بَيْضَ النَّعَامِ.
فَبَيْنَا
أَنَا أَسِيرُ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ عَرَبِيٍّ فِي خَيْمَةٍ، وَإِلَى جَانِبِهِ
جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا شَمْسٌ طَالِعَةٌ وَمَعَهُ غُنَيْمَاتٌ لَهُ.
فَقُلْتُ
لَهُ: اسْتَأْسِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ.
فَرَفَعَ
رَأَسَهُ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا فَتَى إِنْ أَرَدْتَ قِرًى فَانْزِلْ وَإِنْ
أَرَدْتَ مَعُونَةً أَعَنَّاكَ.
فَقُلْتُ
لَهُ: اسْتَأْسِرْ.
فَقَالَ:
عَرَضْنَا
عَلَيْكَ النُّزْلَ مِنَّا تَكَرُّمًا * فَلَمْ تَرْعَوِي جَهْلًا كَفِعْلِ
الْأَشَائِمِ
وَجِئْتَ
بِبُهْتَانٍ وَزُورٍ وَدُونَ مَا * تَمَنَّيْتَهُ بالبيض حز الغلاصم
قَالَ:
وَوَثَبَ إِلَيَّ وَثْبَةً وَهُوَ يَقُولُ: بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
فَكَأَنِّي
مثلت تَحْتَهُ.
ثُمَّ
قَالَ: أَقْتُلُكَ أَمْ أُخَلِّي عَنْكَ؟
قُلْتُ: بَلْ خَلِّ
عَنِّي.
قَالَ:
فَخَلَّى عَنِّي.
ثُمَّ
إِن نَفسِي جاذبتني بِالْمُعَاوَدَةِ.
فَقُلْتُ
اسْتَأْسِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ .
فَقَالَ:
بِبِسْمِ
اللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فُزْنَا * هُنَالِكَ وَالرَّحِيمِ بِهِ قَهَرْنَا
وَمَا
تُغْنِي جَلَادَةُ ذِي حِفَاظٍ * إِذَا يَوْمًا لِمَعْرَكَةٍ بَرَزْنَا
ثُمَّ
وَثَبَ لِي وَثْبَةً كَأَنِّي مَثَلْتُ تَحْتَهُ.
فَقَالَ:
أَقْتُلُكَ أَمْ أُخَلِّي عَنْكَ؟
قَالَ:
قُلْتُ بَلْ خَلِّ عَنِّي.
فَخَلَّى
عَنِّي فَانْطَلَقْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ.
ثُمَّ
قُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا عَمْرُو أَيَقْهَرُكَ هَذَا الشَّيْخُ! وَاللَّهِ
لَلْمَوْتُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْحَيَاةِ.
فَرَجَعْتُ
إِلَيْهِ فَقُلْتُ: اسْتَأْسِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ.
فَوَثَبَ
إِلَيَّ وَثْبَةً وَهُوَ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
فَكَأَنِّي مَثَلْتُ تَحْتَهُ.
فَقَالَ: أَقْتُلُكَ أَمْ
أُخَلِّي عَنْكَ؟
قُلْتُ:
بَلْ خَلِّ عَنِّي.
فَقَالَ:
هَيْهَاتَ، يَا جَارِيَةُ ائْتِينِي بِالْمُدْيَةِ.
فَأَتَتْهُ
بِالْمُدْيَةِ فَجَزَّ نَاصِيَتِي.
وَكَانَتِ
الْعَرَبُ إِذَا ظَفِرَتْ بِرَجُلٍ فَجَزَّتْ نَاصِيَتَهُ اسْتَعْبَدَتْهُ،
فَكُنْتُ مَعَهُ أَخْدِمُهُ مُدَّةً.
ثُمَّ
إِنَّهُ قَالَ: يَا عَمْرُو أُرِيدُ أَنْ تَرْكَبَ مَعِيَ الْبَرِّيَّةَ وَلَيْسَ
بي مِنْك وَجل، فإني بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَوَاثِقٌ.
قَالَ:
فَسِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا وَادِيًا أَشِبًا مُهَوِّلًا مُغَوِّلًا.
فَنَادَى
بِأَعْلَى صَوته بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
فَلَمْ
يَبْقَ طَيْرٌ فِي وَكره إِلَّا طَار.
ثمَّ
أعَاد القَوْل فَلَمْ يَبْقَ سَبْعٌ فِي مَرْبِضِهِ إِلَّا هَرَبَ.
ثُمَّ أَعَادَ الصَّوْتَ
فَإِذَا نَحْنُ بِحَبَشِيٍّ قَدْ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الْوَادِي كَالنَّخْلَةِ
السَّحُوقِ.
فَقَالَ
لى: يَا عَمْرو إِذَا رَأَيْتَنَا قَدِ اتَّحَدْنَا فَقُلْ: غَلَبَهُ صَاحِبِي
بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ:
فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا قَدِ اتَّحَدَا قُلْتُ: غَلَبَهُ صَاحِبِي بِاللَّاتِ
وَالْعُزَّى.
فَلَمْ يَصْنَعِ الشَّيْخُ
شَيْئًا.
فَرَجَعَ
إِلَيَّ وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ خَالَفْتَ قَوْلِي.
قُلْتُ:
أَجَلْ . وَلَسْتُ بِعَائِدٍ.
فَقَالَ:
إِذَا رَأَيْتَنَا قَدِ اتَّحَدْنَا فَقُلْ غَلَبَهُ صَاحِبِي بِبِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
فَقُلْتُ:
أَجَلْ.
فَلَمَّا
رَأَيْتُهُمَا قَدِ اتَّحَدَا قُلْتُ: غَلَبَهُ صَاحِبِي بِبِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
فاتكأ
عَلَيْهِ الشَّيْخ فبعجه بِسَيْفِهِ فاشتق بَطْنه.
فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ
شَيْئًا كَهَيْئَةِ الْقِنْدِيلِ الْأَسْوَدِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَمْرُو هَذَا
غِشُّهُ وَغِلُّهُ.
ثُمَّ
قَالَ: أَتَدْرِي مَنْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ؟
قُلْتُ:
لَا.
قَالَ:
تِلْكَ الفارعة بنت السَّلِيل الجرهمى من خِيَار الْجِنّ.
وَهَؤُلَاء
أَهلهَا بَنو عَمِّهَا يَغْزُونِي مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ رَجُلٌ يَنْصُرُنِي
اللَّهُ عَلَيْهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
ثُمَّ
قَالَ: قَدْ رَأَيْتَ مَا كَانَ مِنِّي إِلَى الحبشي.
وَقد
غلب علي الْجُوع فائتني بشيء آكُلُهُ.
فَأَقْحَمْتُ بِفَرَسِي
الْبَرِّيَّةَ فَمَا أَصَبْتُ إِلَّا بَيْضَ النَّعَامِ.
فَأَتَيْتُهُ
بِهِ فَوَجَدْتُهُ نَائِمًا، وَإِذَا تَحت رَأسه شيء كَهَيْئَةِ الْخَشَبَةِ.
فَاسْتَلَلْتُهُ
فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ عَرْضُهُ شِبْرٌ فِي سَبْعَةِ أَشْبَارٍ.
فَضَرَبْتُ
سَاقَيْهِ ضَرْبَةً أبنت السَّاقَيْن مَعَ الْقَدَمَيْنِ.
فَاسْتَوَى على قفا
ظَهْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ قَاتَلَكَ اللَّهُ مَا أَغْدَرَكَ يَا غَدَّارُ.
قَالَ
عُمَرُ: ثُمَّ مَاذَا صَنَعْتَ؟
قُلْتُ:
فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ بِسَيْفِي حَتَّى قَطَّعْتُهُ إِرْبًا إِرْبًا.
قَالَ
فَوَجَمَ لِذَلِكَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
بِالْغَدْرِ
نِلْتَ أَخَا الْإِسْلَامِ عَنْ كَثَبٍ * مَا إِنْ سَمِعْتُ كَذَا فِي سَالِفِ
الْعَرَبِ
وَالْعُجْمُ
تَأْنَفُ مَمَّا جِئْتَهُ كَرَمًا * تَبًّا لِمَا جِئْتَهُ فِي السَّيِّدِ
الْأَرَبِ
إِنِّي
لَأَعْجَبُ أَنِّي نِلْتَ قِتْلَتَهُ * أَمْ كَيْفَ جَازَاكَ عِنْدَ الذَّنْبِ
لَمْ تَنُبِ؟
قِرْمٌ
عَفَا عِنْكَ مَرَّاتٍ وَقَدْ عَلِقَتْ * بِالْجِسْمِ مِنْكَ يَدَاهُ مَوْضِعَ
الْعَطَبِ
لَوْ
كُنْتُ آخُذُ فِي الْإِسْلَامِ مَا فَعَلُوا * فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَهْلُ
الشِّرْكِ وَالصُّلُبِ
إِذًا
لَنَالَتْكَ مِنْ عَدْلِي مُشَطِّبَةٌ *
تَدْعُو لِذَائِقِهَا بِالْوَيْلِ وَالْحَرَبِ
قَالَ:
ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ حَالِ الْجَارِيَةِ؟
قُلْتُ: ثُمَّ إِنِّي
أَتَيْتُ الْجَارِيَةَ.
فَلَمَّا
رَأَتْنِي قَالَتْ: مَا فَعَلَ الشَّيْخُ؟
قُلْتُ:
قَتَلَهُ الْحَبَشِيُّ.
فَقَالَتْ:
كَذَبْتَ بَلْ قَتَلْتَهُ أَنْتَ بِغَدْرِكَ .
ثُمَّ
أَنْشَأَتْ تَقول:
يَا
عَيْنُ جُودِي لِلْفَارِسِ الْمِغْوَارِ * ثُمَّ جُودِي بِوَاكِفَاتٍ غزار
لَا
تملى الْبكاء إِذْ خانك الدهر * بواف ذي حَقِيقَةً صَبَّارِ
وَتَقِيٍّ
وَذِي وَقَارٍ وَحِلْمٍ * وَعَدِيلِ الْفَخَارِ يَوْمَ الْفَخَارِ
لَهْفَ
نَفْسِي عَلَى بَقَائِكَ عَمْرُو * أَسْلَمَتْكَ الْأَعْمَارُ لِلْأَقْدَارِ
وَلَعَمْرِي
لَوْ لَمْ ترمه بغدر * رمت ليثا كصارم بِتَّارِ
قَالَ:
فَأَحْفَظَنِي قَوْلُهَا فَاسْتَلَلْتُ سَيْفِي وَدَخَلْتُ الْخَيْمَةَ
لِأَقْتُلَهَا فَلَمْ أَرَ فِي الْخَيْمَةِ أَحَدًا.
فَاسْتَقْتُ
الْمَاشِيَةَ وَجِئْتُ إِلَى أَهْلِي.
وَالظَّاهِرُ
أَنَّ الشَّيْخَ كَانَ مِنَ الْجَانِّ وَكَانَ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَتَعَلَّمَ
الْقُرْآنَ، وَفِيمَا تَعَلَّمَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.وَكَانَ
يَتَعَوَّذُ بِهَا.
جني
يدعون إنسي إلى الإسلام
روى
أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ تَمِيمًا
الدَّارِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ بِالشَّامِ حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَأَدْرَكَنِي اللَّيْلُ.
فَقُلْتُ:
أَنَا فِي جِوَارِ عَظِيمِ هَذَا الْوَادِي اللَّيْلَةَ.
قَالَ:
فَلَمَّا أخذت مضجعي إِذا أَنا بمنادي يُنَادِي لَا أَرَاهُ: عُذْ بِاللَّهِ،
فَإِنَّ الْجِنَّ لَا تُجِيرُ أَحَدًا عَلَى اللَّهِ.
فَقُلْتُ
ايْمُ الله مَا تَقُولُ؟
فَقَالَ:
قَدْ خَرَجَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ
بِالْحَجُونِ.
فَأَسْلَمْنَا
وَاتَّبَعْنَاهُ، وَذَهَبَ كَيْدُ الْجِنِّ وَرُمِيَتْ بِالشُّهُبِ، فَانْطَلِقْ
إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأَسْلِمْ.
قَالَ
تَمِيمٌ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَهَبْتُ إِلَى دَيْرِ أَيُّوبَ، فَسَأَلْتُ
رَاهِبًا وَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ.
فَقَالَ
الرَّاهِبُ: قَدْ صَدَقُوكَ، يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ، وَمُهَاجَرُهُ الْحَرَمُ،
وَهُوَ خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تُسْبَقْ إِلَيْهِ.
قَالَ
تَمِيمٌ: فَتَكَلَّفْتُ الشُّخُوصَ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمْتُ.
عَمْرو
بْن مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ يحدث عن قصة إسلامه
روى أَبُو نُعَيْمٍ عَن
عَمْرو بْن مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ: خَرَجْتُ
حَاجًّا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
فَرَأَيْتُ
فِي الْمَنَامِ وَأَنَا بِمَكَّةَ نُورًا سَاطِعًا مِنَ الْكَعْبَةِ حَتَّى
أَضَاءَ فِي جَبَلِ يَثْرِبَ وَأَشْعَرِ جُهَيْنَة.
َ
فَسَمِعْتُ صَوْتًا فِي النُّورِ وَهُوَ يَقُولُ: انْقَشَعَتِ الظَّلْمَاءُ،
وَسَطَعَ الضِّيَاءُ، وَبُعِثَ خَاتَمُ الانبياء.
ثُمَّ
أَضَاءَ إِضَاءَةً أُخْرَى حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى قُصُورِ الْحِيرَةِ وَأَبْيَضِ
الْمَدَائِن.
ِ
فَسَمِعْتُ صَوْتًا فِي النُّورِ وَهُوَ يَقُولُ: ظَهَرَ الْإِسْلَامُ، وَكُسِرَتِ
الْأَصْنَامُ،ووصلت الْأَرْحَام.
فانتبهت
فَزعًا.
فَقلت
لقومي: وَالله لَيَحْدُثَنَّ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَثٌ،
وَأَخْبَرْتُهُمْ بِمَا رَأَيْتُ.
فَلَمَّا
انْتَهَيْنَا إِلَى بِلَادِنَا جَاءَنَا رَجُلٌ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَجُلًا
يُقَالَ لَهُ أَحْمد قد بعث.
فَأَتَيْته
فَأَخْبَرته بِمَا رَأَيْت فَقَالَ: " يَا عَمْرُو بْنَ مُرَّةَ، إِنِّي
الْمُرْسَلُ إِلَى الْعِبَادِ كَافَّةً أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ،
وَآمُرُهُمْ بِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَعِبَادَةِ اللَّهِ
وَرَفْضِ الأصنام، وَحج الْبَيْت، وَصِيَام شهر مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا
وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَمَنْ أَجَابَ فَلَهُ الْجَنَّةُ. وَمَنْ عَصَى فَلَهُ
النَّارُ، فَآمِنْ يَا عَمْرُو بْنَ مُرَّةَ يُؤَمِّنْكَ اللَّهُ مِنْ نَارِ
جَهَنَّمَ ".
فَقُلْتُ:
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، آمَنْتُ
بِكُلِّ مَا جِئْتَ بِهِ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَإِنْ أَرْغَمَ ذَلِكَ كَثِيرًا
مِنَ الْأَقْوَامِ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ أَبْيَاتًا قُلْتُهَا حِينَ سَمِعْتُ بِهِ.
وَكَانَ
لَنَا صَنَمٌ وَكَانَ أَبِي سَادِنًا لَهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَكَسَرْتُهُ ثُمَّ
لَحِقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقُولُ:
شَهِدْتُ
بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَأَنَّنِي * لِآلِهَةِ الْأَحْجَارِ أَوَّلُ تَارِكِ
فَشَمَّرْتُ
عَنْ سَاقِي إِزَارَ مُهَاجِرٍ * إِلَيْكَ أَدِبُّ الْغَوْرَ بَعْدَ الدَّكَادِكِ
لِأَصْحَبَ
خَيْرَ النَّاسِ نَفْسًا وَولدا * رَسُولَ مَلِيكِ النَّاسِ فَوْقَ الْحَبَائِكِ
فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَرْحَبًا بِكَ يَا عَمْرو
بن مرّة".
فقلت:
يَا رَسُول بأبي أنت وَأُمِّي، ابْعَثْ بِي إِلَى قَوْمِي، لَعَلَّ اللَّهَ أَنَّ
يَمُنَّ بِي عَلَيْهِمْ كَمَا مَنَّ بِكَ علي.
فَبَعَثَنِي
إِلَيْهِمْ وَقَالَ: " عَلَيْكَ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ، وَلَا تَكُنْ فَظًّا
وَلَا مُتَكَبِّرًا وَلَا حَسُودًا ".
فَأَتَيْتُ
قَوْمِي فَقُلْتُ لَهُمْ: يَا بَنِي رِفَاعَةَ ثُمَّ يَا بَنِي جُهَيْنَةَ، إِنِّي
رَسُولٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، أَدْعُوكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ،
وَأُحَذِّرُكُمُ النَّارَ، وَآمُرُكُمْ بِحَقْنِ الدِّمَاءِ، وَصِلَةِ
الْأَرْحَامِ، وَعِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَفْضِ الْأَصْنَامِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ،
وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرٍ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا.
فَمَنْ أَجَابَ فَلَهُ
الْجَنَّةُ. وَمَنْ عَصَى فَلَهُ النَّارُ.
يَا
مَعْشَرَ جُهَيْنَةَ: إِنَّ اللَّهَ، وَلَهُ الْحَمْدُ، جَعَلَكُمْ خِيَارَ مَنْ
أَنْتُمْ مِنْهُ، وَبَغَّضَ إِلَيْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ مَا حَبَّبَ إِلَى
غَيْرِكُمْ مِنَ الرَّفَثِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ
الْأُخْتَيْنِ، وَيَخْلُفُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَالتِّرَاتِ فِي
الشَّهْرِ الْحَرَامِ.
فَأَجِيبُوا
هَذَا النَّبِيَّ الْمُرْسَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي
لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، تَنَالُوا شَرَفَ الدُّنْيَا وَكَرَامَةَ الْآخِرَةِ،
سَارِعُوا سَارِعُوا فِي ذَلِك يكون لَكُمْ فَضِيلَةٌ عِنْدَ اللَّهِ.
فَأَجَابُوا
إِلَّا رَجُلًا مِنْهُمْ قَامَ فَقَالَ: يَا عَمْرُو بْنَ مُرَّةَ، أَمر الله
عَلَيْك عيشك!، أَتَأْمُرُنَا أَنْ نَرْفُضَ آلِهَتَنَا وَنُفَرِّقَ جَمَاعَتَنَا
بِمُخَالَفَةِ دِينِ آبَائِنَا إِلَى مَا يَدْعُو هَذَا الْقُرَشِيُّ مِنْ أَهْلِ
تِهَامَةَ؟ لَا وَلَا مَرْحَبًا وَلَا كَرَامَةَ، ثمَّ أنشأ يَقُول:
إِن
ابن مُرَّةَ قَدْ أَتَى بِمَقَالَةٍ * لَيْسَتْ مَقَالَةَ مَنْ يُرِيدُ صَلَاحَا
إِنِّي
لَأَحْسَبُ قَوْلَهُ وَفَعَالَهُ * يَوْمًا وَإِن طَال الزَّمَان رياحا
أنسفه
الْأَشْيَاخَ مِمَّنْ قَدْ مَضَى * مَنْ رَامَ ذَلِكَ لَا أَصَابَ فَلَاحَا
فَقَالَ
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: الْكَاذِبُ مِنِّي وَمِنْكَ أَمَرَّ اللَّهُ عَيْشَهُ
وَأَبْكَمَ لِسَانَهُ، وَأَكْمَهَ بَصَرَهُ.
قَالَ
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى سَقَطَ فُوهُ، وَكَانَ لَا
يَجِدُ طَعْمَ الطَّعَامِ، وَعَمِيَ وَخَرِسَ.
وَخَرَجَ
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى أَتَوْا النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ بِهِمْ وَحَبَاهُمْ.
وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا
: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ
عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ بِكِتَابٍ صَادِقٍ، وَحَقٍّ نَاطِقٍ، مَعَ عَمْرِو
بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ، لِجُهَيْنَةَ بْنِ زَيْدٍ: إِنَّ لَكُمْ بُطُونَ
الْأَرْضِ وَسُهُولَهَا، وَتِلَاعَ الْأَوْدِيَةِ وَظُهُورَهَا، تَرْعَوْنَ
نَبَاتَهُ وَتَشْرَبُونَ صَافِيَهُ.
عَلَى
أَنْ تُقِرُّوا بِالْخُمْسِ، وَتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَفِي
التَّبِعَةِ وَالصُّرَيْمَةِ شَاتَانِ إِنِ اجْتَمَعَتَا، وَإِنْ تَفَرَّقَتَا
فَشَاةٌ شَاةٌ. لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْميرَة صَدَقَة، لَيْسَ الوردة اللبقة
".
وَشَهِدَ
مَنْ حَضَرَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِكِتَابِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ.
وقال
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ:
أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ * وَبَيَّنَ بُرْهَانَ الْقُرَانِ لِعَامِرِ
كتاب من الرَّحْمَن نور
لجمعنا * وأخلافنا فِي كُلِّ بَادٍ وَحَاضِرِ
إِلَى
خَيْرِ مَنْ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ كُلِّهَا * وَأَفْضَلِهَا عِنْدَ اعْتِكَارِ
الضَّرَائِرِ
أَطَعْنَا
رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا تَقَطَّعَتْ * بُطُونُ الأعادي بالظبى وَالْخَوَاطِرِ
فَنَحْنُ
قَبِيلٌ قَدْ بُنِيَ الْمَجْدُ حَوْلَنَا * إِذا اجتلبت فِي الْحَرْب هام الأكابر
بَنو
الحرب نقريها يأيد طَوِيلَةٍ * وَبِيضٍ تَلَأْلَأَ فِي أَكُفِّ الْمَغَاوِرِ
تَرَى
حَوْلَهُ الْأَنْصَارَ تَحْمِي أَمِيرَهُمْ * بِسُمْرِ الْعَوَالِي وَالصِّفَاحِ
الْبَوَاتِرِ
إِذَا
الْحَرْبُ دَارَتْ عِنْدَ كُلِّ عَظِيمَةٍ * وَدَارَتْ رَحَاهَا بِاللِّيُوثِ
الْهَوَاصِرِ
تَبَلَّجَ
مِنْهُ اللَّوْنُ وَازْدَادَ وَجْهُهُ * كَمِثْلِ ضِيَاءِ الْبَدْرِ بَيْنَ
الزَّوَاهِرِ
حُفر
القبر له فدفن فيه غيره
روى
أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: عَن الشعبي
قال، حَدَّثَني شيخ من جُهَيْنَة قَالَ: مَرِضَ مِنَّا رَجُلٌ مَرَضًا شَدِيدًا
فَثَقُلَ حَتَّى حَفَرْنَا لَهُ قَبْرَهُ وَهَيَّأْنَا أَمْرَهُ.
فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ
فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَأَفَاقَ فَقَالَ: أَحْفَرْتُمْ لِي؟
قَالُوا:
نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْفَصْلُ - وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ - قُلْنَا:
صَالِحٌ مَرَّ آنِفًا يَسْأَلُ عَنْكَ.
قَالَ:
أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يُجْعَلَ فِي حُفْرَتِي.
إِنَّهُ أَتَانِي آتٍ
حِينَ أُغْمِيَ عَلَيَّ فَقَالَ:
ابْكِ
هُبَلْ، أَمَا تَرَى حُفْرَتَكَ تُنْتَثَلْ، وَأُمُّكَ قَدْ كَادَتْ تَثْكَلْ؟
أَرَأَيْتُكَ
إِنْ حَوَّلْنَاهَا عَنْكَ بِالْمِحْوَلْ، ثُمَّ مَلَأْنَاهَا بالجندل، وقذفنا
فِيهَا الْفَصْل، الَّذِي مَضَى فَأَجْزَأَكْ، وَظَنَّ أَنْ لَنْ يَفْعَلْ،
أَتَشْكُرُ لِرَبِّكَ وَتُصَلِّ، وَتَدَعُ دِينَ مَنْ أَشْرَكَ وَضَلَّ؟
قَالَ:
قُلْتُ نَعَمْ.
قَالَ:
قُمْ قَدْ بَرِئت.
قَالَ:
فبرئ الرجل.
وَمَات
الْفَصْل فَجعل فِي حفرته.
قَالَ
الجهيني: فَرَأَيْت الجهيني بَعْدَ ذَلِكَ يُصَلِّي وَيَسُبُّ الْأَوْثَانَ وَيَقَعُ
فِيهَا.
قصة
إسلام خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ الْأَسَدِيُّ على يد الجن
روى
الْأُمَوِيُّ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي
مَجْلِسٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنِ الْجِنِّ، فَقَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ
الْأَسَدِيُّ: أَلَا أُحَدِّثُكَ كَيْفَ كَانَ إِسْلَامِي؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ:
إِنِّي يَوْمًا فِي طَلَبِ ذَوْدٍ لِي أَنَا مِنْهَا عَلَى أَثَرٍ تَنْصَبُ وتصعد.
حَتَّى
إِذا كنت بأبرق العزاف - مَاء لبنى أَسد فِي طَرِيق القاصد إِلَى الْمَدِينَة من
الْبَصْرَة- أَنَخْتُ رَاحِلَتِي .
وَقُلْتُ:
أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، أَعُوذُ بِرَئِيسِ هَذَا الْوَادِي.
فَإِذَا
بِهَاتِفٍ يَهْتِفُ بِي:
وَيْحَكَ،
عُذْ بِاللَّهِ ذِي الْجَلَالِ * وَالْمَجْدِ والعلياء وَالْإِفْضَالِ
ثُمَّ
اتْلُ آيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ * وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِي
قَالَ:
فَذُعِرْتُ ذُعْرًا شَدِيدًا ثمَّ رجعت إِلَى نَفسِي فَقلت:
يَا
أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ * أَرَشَدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ؟ *
بَيِّنْ
هَدَاكَ اللَّهُ مَا الْسبيل
قَالَ:
فَقَالَ:
هَذَا
رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ * بِيَثْرِبَ يَدْعُو إِلَى النَّجَاةِ
يَأَمْرُ
بِالْبِرِّ وَبِالصَّلَاةِ * وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَاتِ
قَالَ:
قُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى آتِيَهُ وَأُومِنَ بِهِ.
فَنصبت
رجلي غَرْزِ رَاحِلَتِي وَقُلْتُ:
أَرْشِدْنِي
أَرْشِدْنِي هُدِيتَا * لَا جُعْتَ مَا عِشْتَ وَلَا عَرِيتَا
وَلَا
بَرِحْتَ سيدا مقيتا * لَو تُؤْثِرِ الْخَيْرَ الَّذِي أُتِيتَا *
عَلَى
جَمِيعِ الْجِنِّ مَا بَقِيَتَا *
فَقَالَ:
صَاحَبَكَ
اللَّهُ وَأَدَّى رَحْلَكَا * وَعَظَّمَ الْأَجْرَ وَعَافَى نَفْسَكَا
آمِنْ
بِهِ أَفْلَجَ ربى حقكا * وانصره نصرا عَزِيزًا نَصْرَكَا
قَالَ:
قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ، حَتَّى أُخْبِرَهُ إِذَا قَدِمْتَ
عَلَيْهِ؟
فَقَالَ
أَنَا ملك بن ملك، وَأَنَا نَقِيبُهُ عَلَى جِنِّ نَصِيبِينَ. وَكَفَيْتُ إِبِلَكَ
حَتَّى أَضُمَّهَا إِلَى أَهْلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ:
فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّاسُ أَرْسَالٌ
إِلَى الْمَسْجِدِ.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ يَخْطُبُ
النَّاسَ.
فَقُلْتُ
أُنِيخُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّيَ وَأَدْخُلُ عَلَيْهِ
فَأُسَلِّمُ وَأُخْبِرُهُ عَنْ إِسْلَامِي.
فَلَمَّا أَنَخْتُ خَرَجَ
إِلَيَّ أَبُو ذَرٍ فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا وَسَهْلًا قَدْ بَلَغَنَا
إِسْلَامُكَ، فَادْخُلْ فَصَلِّ.
فَفَعَلْتُ،
ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي
بِإِسْلَامِي.
فَقُلْتُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ.
قَالَ:
" أَمَا إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ وَفَّى لَكَ وَهُوَ أَهْلُ ذَلِكَ، وَأَدَّى
إِبِلَكَ إِلَى أَهْلِكَ ".
وَقَدْ
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ مِنْ مُعْجَمِهِ
الْكَبِيرِ قَائِلًا:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ أَلَا أُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِي؟
قَالَ: بَلَى.
فَذَكَرَهُ.
غَيْرَ
أَنَّهُ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَالَ: ادْخُلْ،
فَقَدْ بَلَغَنَا إِسْلَامُكَ، فَقُلْتُ: لَا أُحْسِنُ الطُّهُورَ. فَعَلِّمْنِي.
فَدَخَلْتُ
الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَأَنَّهُ الْبَدْرُ وَهُوَ يَقُولُ " مَا مِنْ مُسْلِمٍ تَوَضَّأَ
فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةً يَحْفَظُهَا وَيَعْقِلُهَا إِلَّا دخل
الْجنَّة ".
فَقَالَ
لي عمر: لتأتين عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأُنَكِّلَنَّ بِكَ. فَشَهِدَ لِي
شَيْخُ قُرَيْشٍ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَازَ شَهَادَتَهُ.
تعليقات
إرسال تعليق