ما الأشياء العشرة التي كان يعملها قوم لوط فعاقبهم الله بالعذاب الذي ليس له مثيل؟!



 

ما هي قصة لوط مع قومه

عن ابن عباس قال: كل الأنبياء من ذرية يعقوب عليه السلام إلا عشرة: محمد، وإسماعيل، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ولوط، وهود، وشعيب، وصالح، ونوح.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه أول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط صلى الله عليه وسلم.

روى ابن عباس قال: أُرسل إبراهيم عليه السلام إلى الأرض المقدسة، ولوط عليه السلام إلى المؤتفكات.

وكانت قرى لوط أربع مدائن: سدوم، واموراء، وعاموراء، وصبويراء. وكانت أعظم مدائنهم سدوم، وكان لوط عليه السلام يسكنها، وهي التي تسمى بالمؤتكفات، وهي من بلاد الشام، ومن فلسطين مسيرة يوم وليلة.

وكان الله قد أمهل قوم لوط، الذين خرقوا حجاب الإسلام، وانتهكوا المحارم، وأتوا الفاحشة الكبرى، فكان إبراهيم عليه السلام يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط، فينصحهم، فيأبون أن يقبلوا.

فكان بعد ذلك يجيء على حماره، فينظر إلى سدوم، فيقول: يا سدوم، أي يوم لك من الله! سدوم، إنما أنهاكم ألا تتعرضوا لعقوبة الله.

وحين بلغ الكتاب أجله، بعث الله جبريل في نفر من الملائكة، فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم، وهو في زرع له يثير الأرض، كلما بلغ الماء في مسكنه من الأرض ركز مسحاته في الأرض، فصلى خلفها ركعتين..

فنظرت الملائكة إلى إبراهيم، فقالوا: لو كان الله - عز وجل - ينبغي أن يتخذ خليلا لاتخذ هذا العبد خليلا، ولا يعلمون أن الله قد اتخذه خليلا.

فبشرت الملائكة إبراهيم وامرأته بولادة ابنه اسحاق وأخبرته الملائكة أن الله سيهلك قوم لوط هذه الليلة .

ثم انطلقوا من عند إبراهيم ، فأتوا لوطا عليه السلام ، وهو - على ما قيل - في أرض له يعمرها أو في منزله وكانوا في أجمل صورة تكون، على هيئة شبان حسان الوجوه، ابتلاء من الله واختبار، ولله الحكمة والحجة البالغة.

 فنزلوا عليه، فساءه شأنهم وضاقت نفسه بسببهم ، وخشي إن لم يضيفهم أن يضيفهم أحد من قومه فينالهم بسوء، وقال هذا يوم عصيب لأنه علم أنه سيشق عليه  الدفاع عنهم ومواجهة قومه الفساق لوحده.

وذكر قتادة أن الملائكة أتوا لوطاً عليه السلام وهو في أرض له يعمل فيها، فطلبوا أن يضيفهم، فاستحيا منهم ، وانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطريق، كالمعرض لهم بأن ينصرفوا: إنه والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء . ثم مشى قليلا فأعاد ذلك عليهم  قوله، حتى كرره أربع مرات .

وكان الله قد أمر الملائكة ألا يهلكوا قوم لوط حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك .

وروى السدي أن الملائكة خرجت من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدوم منتصف النهار ، ولقوا بنت لوط تستقي من الماء لأهلها وكانت له ابنتان فقالوا لها يا جارية ، هل من منزل ؟ فقالت لهم: مكانكم حتى آتيكم ، وخافت عليهم من قومها.

فأتت أباها فقالت : يا أبتاه، أدرك فتيانا على باب المدينة، ما رأيت وجوه قوم هي أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم .

وكان قوم لوط قد نهوه أن يضيف أي رجل، فجاء بهم ، فلم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته فخرجت امرأته فأخبرت قومها فقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط ، فجاءوا يهرعون إليه .

 

الشواذ جنسياً يتحرشون بالملائكة!!

ولما جاء الفسقة إلى باب لوط ليتحرشوا بضيوفه، أغلق الباب دونهم، وقال لهم يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ.

 فأرشدهم إلى نسائهم ، فإن النبي للأمة بمنزلة الأب، كما قال لهم: { أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون } {قالوا أولم ننهك عن العالمين} أي عن ضيافة الرجال {قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين . لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } فأظهروا فجورهم وقالوا: {لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ} .

لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحمة الله على لوط، لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني: الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه".

فأخبرت الملائكة لوط بحقيقتهم أنهم ملائكة من عند الله {قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل، وأن يتبع أدبارهم ،أي يكون خلف أهله ، وأخبروه ألا يلتفت منكم أحد إذا سمعتم ما ينزل بالقوم من العذاب، ولكن استمروا ذاهبين كما أنتم إلا امرأتك إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ .

فلم يتناهى قوم لوط، ولم يردهم قوله ونهيه، ولم يقبلوا شيئا مما عرض عليهم، فكسروا الباب، ودخلوا عليه.

عندها تحول جبريل عليه السلام من صورة الشاب الحسن الجميل إلى صورته التي يكون فيها في السماء، ثم قال: يا لوط، لا تخف، نحن الملائكة، لن يصلوا إليك، وأمرنا بعذابهم، فقال لوط: يا جبريل، الآن فعذبهم، وهو شديد الأسف عليهم. قال جبريل، يا لوط " موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب" {فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد} وعندما هجم قوم لوط على الباب يريدون التحرش بالرجال الحسان خرج إليهم جبريل فطمس بجناحيه وجوههم، فشدخت وجوههم، وتناثرت أحداقهم بالأرض، {ولقد راودوه عن ضيفه، فطمسنا أعينهم} فعند ذلك قالوا: يا لوط، معك رجال سحروا أعيننا، فتوعدوه، وخرجوا من عنده عمي لا يهتدون الطريق، فلما كان عند وجه الصبح جاءهم العذاب.

 

ما الذي كان يفعله قوم لوط ليعاقبهم الله بالعذاب الذي ليس له مثيل!

قال الله تعالى: { فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }.

عن حذيفة قال: إنما حق القول –أي بالعذاب- على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال. فانتكست فطرتهم بدلاً من الزواج الذي فطر الله عليه النفوس

وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا؛ وتزيدها أمتي بخِلة: إتيان الرجال بعضهم بعضا، ورميهم بالجلاهق والخذف -وهو رمي الناس بالحصى الصغيرة التي قد تفقأ العين-، ولعبهم بالحمام، وضرب الدفوف، وشرب الخمور، وقص اللحية، وطول الشارب، والصفير -وهو التصويت بالفم والشفتين-، والتصفيق، ولباس الحرير. وتزيدها أمتي بخِلة: إتيان النساء بعضهم بعضا ".

وعن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: " وتأتون في ناديكم المنكر " ما المنكر الذي كانوا يأتون في ناديهم؟ قال: " كانوا يخذفون أهل الطريق -أي يرمونهم بالحصى-، ويسخرون منهم ".

وعن معاوية بن قرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: " ما أحسن ما أثنى عليك ربك " ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين "، فما كانت قوتك، وما كانت أمانتك؟ قال: أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن لوط، وهي أربع مدائن، وفي كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج، ونباح الكلاب، ثم هويت بهن، فقلبتهن.

وأما أمانتي فلم أؤمر بشيء فعدوته إلى غيره ".

قيل لمجاهد: يا أبا الحجاج، هل بقي من قوم لوط أحد؟ قال: لا، إلا رجل بقي أربعين يوما، تاجرا كان بمكة، فجاءه حجر ليصيبه في الحرم، فقام إليه ملائكة الحرم، فقالوا للحجر: ارجع من حيث جئت؛ فإن الرجل في حرم الله.

فخرج الحجر، فوقف خارجا من الحرم أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته، فلما خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم، يقول الله: " وما هي من الظالمين ببعيد "، يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد.

وعن أبي سعيد قال: من عمل ذاك من عمل قوم لوط إنما كانوا ثلاثين رجلا ونيفا لا يبلغون أربعين،

 فأهلكهم الله جميعا. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو لتعمنكم العقوبة جميعا ".

روى حذيفة بن اليمان قال : كان إبراهيم عليه السلام يأتي قوم لوط فيقول : أنهاكم الله أن تعرضوا لعقوبته ؟ فلم يطيعوه ، حتى إذا بلغ الكتاب أجله، انتهت الملائكة إلى لوط وهو يعمل في أرض له ، فدعاهم إلى الضيافة فقالوا : إنا ضيوفك الليلة ، وكان الله قد عهد إلى جبريل ألا يعذبهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة ، ذكر ما يعمل قومه من الشر والدواهي العظام، فمشى معهم ساعة ، ثم التفت إليهم فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض شرا منهم. أين أذهب بكم ؟ إلى قومي وهم أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال : احفظوها هذه واحدة. ثم مشى معهم ساعة ، فلما توسط القرية وأشفق عليهم واستحيا منهم قال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أشر منهم، إن قومي أشر خلق الله. فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال : احفظوا ، هاتان اثنتان ، فلما انتهى إلى باب الدار بكى حياء منهم وشفقة عليهم فقال إن قومي أشر من خلق الله؟ أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شرا منهم . فقال جبريل للملائكة : احفظوا ، هذه ثلاث ، قد حق العذاب . فلما دخلوا ذهبت عجوز السوء فصعدت فلوحت بثوبها ، فأتاها الفساق يهرعون سراعا ، قالوا: ما عندك؟ قالت: ضيف لوط قوما ما رأيت قط أحسن وجوها منهم، ولا أطيب ريحا منهم . فهرعوا يسارعون إلى الباب، فعالجهم لوط على الباب ، فدافعوه طويلا هو داخل وهم خارج ، يناشدهم الله ويقول: {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} فقام الملَك فلز بالباب - فسدّه - واستأذن جبريل في عقوبتهم ، فأذن الله له، فقام في الصورة التي يكون فيها في السماء، فنشر جناحه . ولجبريل جناحان ، وعليه وشاح من در منظوم ، وهو براق الثنايا، أجلى الجبين، ورأسه حُبك حَبك مثل المَرجان وهو اللؤلؤ ، كأنه الثلج ، ورجلاه إلى الخضرة . فقال يا لوط : {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك } امض يا لوط عن الباب ودعني وإياهم ، فتنحى لوط عن الباب ، فخرج إليهم ، فنشر جناحه ، فضرب به وجوههم ضربة شدخ أعينهم ، فصاروا عميا لا يعرفون الطريق {ولا يهتدون بيوتهم} ثم أمر لوط فاحتمل بأهله في ليلته قال : {فأسر بأهلك بقطع من الليل}.

قال تعالى : {فلما جاء أمرنا} وكان ذلك عند طلوع الشمس ، {جعلنا عاليها} وهي قريتهم العظيمة سدوم {سافلها} كقوله {والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى} أي : أمطرنا عليها حجارة من "سجيل"  مستحجرة قوية شديدة {منضود} أي معدة لذلك في السماء يتبع بعضها بعضا في نزولها عليهم { مسومة} أي معلمة مختومة بأسماء أصحابها .

وذكروا أنها نزلت على أهل البلد ، وعلى المتفرقين في القرى مما حولها ، فبينما أحدهم يكون عند الناس يتحدث، إذ جاءه حجر من السماء فسقط عليه من بين الناس، فدمره، فتتبعهم الحجارة من سائر البلاد، حتى أهلكتهم عن آخرهم فلم يبق منهم أحد .

روى قتادة وغيره قال : بلغنا أن جبريل عليه السلام، لما أصبح نشر جناحه ، فانتسف به أرضهم بما فيها من قصورها ودوابها وحجارتها وشجرها ، وجميع ما فيها ، فضمها في جناحه ، فحواها وطواها في جوف جناحه ، ثم صعد بها إلى السماء الدنيا ، حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب ، وكانوا أربعة آلاف ألف، ثم قلبها، فأرسلها إلى الأرض منكوسة، ودمدم بعضها على بعض ، فجعل عاليها سافلها، ثم أتبعها حجارة من سجيل .

فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات .

قال عزّ وجلّ {وما هي من الظالمين ببعيد} أي : وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ، ببعيد عنه .

وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن ابن عباس مرفوعا "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به " .

وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يلقى من شاهق ، ويتبع بالحجارة ، كما فعل الله بقوم لوط .

الله اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال فإن لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

عن الزهري قال: أن لوطا لم يزل مع إبراهيم حتى قبضه الله إليه.

 

 


تعليقات