كيف شاهد "هرقل" النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته؟!




ذكر ابن كثير في تفسير الآية 157 في سورة الأعراف: { الَّذِين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الأعراف : 157
قال: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل: وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء بشروا أممهم ببعثه وأمروهم بمتابعته، ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم.
قال الحاكم صاحب المستدرك : أخبرنا أبو محمد - عبد الله بن إسحاق البغوي ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي حدثنا عبد العزيز بن مسلم بن إدريس ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن هشام بن العاص الأموي قال : بعثت أنا ورجل آخر إلى هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام.
فخرجنا حتى قدمنا الغوطة - يعني غوطة دمشق - .
فنزلنا على جبلة بن الأيهم الغساني ، فدخلنا عليه.
فإذا هو على سرير له .
فأرسل إلينا برسوله نكلمه.
فقلنا : والله لا نكلم رسولا إنما بعثنا إلى الملك ، فإن أذن لنا كلمناه وإلا لم نكلم الرسول.
فرجع إليه الرسول فأخبره بذلك .
قال : فأذن لنا فقال : تكلموا.
فكلمه هشام بن العاص ، ودعاه إلى الإسلام ، فإذا عليه ثياب سواد فقال له هشام : وما هذه التي عليك ؟
فقال : لبستها وحلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام .
قلنا : ومجلسك هذا ، والله لنأخذنه منك ، ولنأخذن ملك الملك الأعظم ، إن شاء الله ، أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم .
قال : لستم بهم ، بل هم قوم يصومون بالنهار ، ويقومون بالليل ، فكيف صومكم ؟
فأخبرناه ، فملئ وجهه سوادا فقال : قوموا .
وبعث معنا رسولا إلى الملك .
فخرجنا ، حتى إذا كنا قريبا من المدينة ، قال لنا الذي معنا : إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك ، فإن شئتم حملناكم على براذين وبغال ؟
قلنا : والله لا ندخل إلا عليها .
فأرسلوا إلى الملك أنهم يأبون ذلك .
فدخلنا على رواحلنا متقلدين سيوفنا ، حتى انتهينا إلى غرفة فأنخنا في أصلها وهو ينظر إلينا .
فقلنا : لا إله إلا الله ، والله أكبر .
فالله يعلم لقد تنفضت الغرفة حتى صارت كأنها عذق تصفقه الرياح .
فأرسل إلينا : ليس لكم أن تجهروا علينا بدينكم .
وأرسل إلينا : أن ادخلوا.
فدخلنا عليه وهو على فراش له ، وعنده بطارقته من الروم ، وكل شيء في مجلسه أحمر ، وما حوله حمرة ، وعليه ثياب من الحمرة .
فدنونا منه فضحك ، فقال : ما كان عليكم لو حييتموني بتحيتكم فيما بينكم ؟
وإذا عنده رجل فصيح بالعربية ، كثير الكلام ، فقلنا : إن تحيتنا فيما بيننا لا تحل لك .
وتحيتك التي تحيى بها لا تحل لنا أن نحييك بها .
قال : كيف تحيتكم فيما بينكم ؟
قلنا : السلام عليك .
قال : وكيف تحيون ملككم ؟
قلنا : بها .
قال : وكيف يرد عليكم ؟
قلنا : بها .
قال : فما أعظم كلامكم ؟
قلنا : لا إله إلا الله ، والله أكبر.
فلما تكلمنا بها والله يعلم - لقد تنفضت الغرفة حتى رفع رأسه إليها .
قال : فهذه الكلمة التي قلتموها حيث تنفضت الغرفة ، كلما قلتموها في بيوتكم تنفضت عليكم غرفكم ؟
قلنا : لا ما رأيناها فعلت هذا قط إلا عندك .
قال : لوددت أنكم كلما قلتم تنفض كل شيء عليكم . وإني خرجت من نصف ملكي .
قلنا : لم ؟
قال : لأنه كان أيسر لشأنها ، وأجدر ألا تكون من أمر النبوة ، وأنها تكون من حيل الناس .
ثم سألنا عما أراد فأخبرناه .
ثم قال : كيف صلاتكم وصومكم ؟
فأخبرناه ، فقال : قوموا فقمنا.
فأمر لنا بمنزل حسن ونزل كثير ، فأقمنا ثلاثا .

فأرسل إلينا ليلا فدخلنا عليه ، فاستعاد قولنا ، فأعدناه .
ثم دعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة ، فيها بيوت صغار عليها أبواب .
ففتح بيتا وقفلا فاستخرج حريرة سوداء ، فنشرها .
فإذا فيها صورة حمراء ، وإذا فيها رجل ضخم العينين . عظيم الأليتين ، لم أر مثل طول عنقه.
وإذا ليست له لحية ، وإذا له ضفيرتان أحسن ما خلق الله .
قال : أتعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا آدم ، عليه السلام ، وإذا هو أكثر الناس شعرا .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، وإذا فيها صورة بيضاء ، وإذا له شعر كشعر القطط ، أحمر العينين ، ضخم الهامة ، حسن اللحية .
فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا نوح ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة سوداء ، وإذا فيها رجل شديد البياض .
حسن العينين ، صلت الجبين ، طويل الخد ، أبيض اللحية كأنه يبتسم .
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا إبراهيم ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر فإذا فيه صورة بيضاء ، وإذا - والله - رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتعرفون هذا ؟
قلنا : نعم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وبكينا .
قال : والله يعلم أنه قام قائما ثم جلس ، وقال : والله إنه لهو ؟
قلنا : نعم ، إنه لهو ، كأنك تنظر إليه ، فأمسك ساعة ينظر إليها ، ثم قال : أما إنه كان آخر البيوت ، ولكني عجلته لكم لأنظر ما عندكم .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فإذا فيها صورة أدماء سحماء وإذا رجل جعد قطط .
غائر العينين ، حديد النظر ، عابس متراكب الأسنان ، مقلص الشفة كأنه غضبان .
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا موسى عليه السلام . وإلى جانبه صورة تشبهه ، إلا أنه مدهان الرأس ، عريض الجبين ، في عينيه قبل .
فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . قال : هذا هارون بن عمران ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة رجل آدم سبط ربعة ، كأنه غضبان .
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا لوط ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة رجل أبيض مشرب حمرة ، أقنى ، خفيف العارضين ، حسن الوجه.
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال هذا إسحاق ، عليه السلام .

ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة تشبه إسحاق ، إلا أنه على شفته خال .
فقال : هل تعرفون هذا ؟ قلنا : لا . [ قال ] هذا يعقوب ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة رجل أبيض.
حسن الوجه ، أقنى الأنف ، حسن القامة ، يعلو وجهه نور ، يعرف في وجهه الخشوع ، يضرب إلى الحمرة ،.
قال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا إسماعيل جد نبيكم ، عليهما السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة كأنها آدم ، عليه السلام ، كأن وجهه الشمس .
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا يوسف ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر فاستخرج حريرة بيضاء ، فإذا فيها صورة رجل أحمر حمش الساقين ، أخفش العينين ضخم البطن ، ربعة متقلد سيفا .
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا داود ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج حريرة بيضاء ، فيها صورة رجل ضخم الأليتين ، طويل الرجلين ، راكب فرسا .
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا سليمان بن داود ، عليه السلام .
ثم فتح بابا آخر ، فاستخرج منه حريرة سوداء ، فيها صورة بيضاء ، وإذا شاب شديد سواد اللحية ، كثير الشعر ، حسن العينين ، حسن الوجه ،.
فقال : هل تعرفون هذا ؟
قلنا : لا . قال : هذا عيسى ابن مريم ، عليه السلام .
قلنا : من أين لك هذه الصور ؟ لأنا نعلم أنها على ما صورت عليه الأنبياء ، عليهم السلام ، لأنا رأينا صورة نبينا عليه السلام مثله .
فقال : إن آدم ، عليه السلام ، سأل ربه أن يريه الأنبياء من ولده ، فأنزل عليه صورهم .
فكان في خزانة آدم ، عليه السلام ، عند مغرب الشمس ، فاستخرجها ذو القرنين من مغرب الشمس فدفعها إلى دانيال .
ثم قال : أما والله إن نفسي طابت بالخروج من ملكي ، وإن كنت عبدا لأشركم ملكة ، حتى أموت .
ثم أجازنا فأحسن جائزتنا ، وسرحنا .
فلما أتينا أبا بكر الصديق ، رضي الله عنه ، فحدثناه بما أرانا ، وبما قال لنا ، وما أجازنا ، قال : فبكى أبو بكر وقال : مسكين ! لو أراد الله به خيرا لفعل .
ثم قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم واليهود يجدون نعت محمد صلى الله عليه وسلم عندهم .
هكذا أورده الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي ، رحمه الله ، في كتاب " دلائل النبوة " ، عن الحاكم إجازة ، فذكره وإسناده لا بأس به .


وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني عن محمد بن جبير ، عن أبيه جبير بن مطعم ، قال :
خرجت تاجرا إلى الشام ، فلما كنت بأدنى الشام ، لقيني رجل من أهل الكتاب .
فقال : هل عندكم رجل نبيا ؟
قلت : نعم .
قال : هل تعرف صورته إذا رأيتها ؟
قلت : نعم .
فأدخلني بيتا فيه صور ، فلم أر صورة النبي صلى الله عليه وسلم .
فبينما أنا كذلك إذ دخل رجل منهم علينا ، فقال : فيم أنتم ؟
فأخبرناه ، فذهب بنا إلى منزله ، فساعة ما دخلت نظرت إلى صورة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا رجل آخذ بعقب النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : من هذا الرجل القابض على عقبه ؟
قال : إنه لم يكن نبي إلا كان بعده نبي إلا هذا النبي ، فإنه لا نبي بعده ، وهذا الخليفة بعده ، وإذا صفة أبي بكر رضي الله عنه.

وقوله تعالى { يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر } هذه صفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة ، وهكذا كان حاله ، عليه الصلاة والسلام ، لا يأمر إلا بخير ، ولا ينهى إلا عن شر .
كما قال عبد الله بن مسعود : إذا سمعت الله يقول : { يا أيها الذين آمنوا } فأرعها سمعك ، فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه .
ومن أهم ذلك وأعظمه ما بعثه الله تعالى به من الأمر بعبادته وحده لا شريك له ، والنهي عن عبادة من سواه ، كما أرسل به جميع الرسل قبله ، كما قال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } النحل : 36

سؤال هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم صور الأنبياء السابقين له؟!
الإجابة نعم ففي صحيح مسلم وروى الترمذي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرض علي الأنبياء فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى ابن مريم فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم - يعني نفسه صلى الله عليه وسلم - ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية» .

وبخصوص أن صور الأنبياء كانت مصورة على حرير فقد روي شيء مشابه لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أخرج ابن سعد في الطبقات عن عائشة قالت: فضّلت على نساء النبي صلّى الله عليه وسلم بعشر، قيل: ما هنّ يا أم المؤمنين؟
قالت: لم ينكح بكرا قط غيري، ولم ينكح امرأة أبواها مهاجرين غيري، وأنزل الله تبارك وتعالى براءتي من السماء، وجاءه جبريل عليه السلام بصورتي من السماء في حريرة، وقال: تزوجها فانها امرأتك، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، ولم يكن يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه، ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي، ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري، ومات في الليلة التي كان يدور عليّ فيها، ودفن في بيتي.

سؤال يتبادر إلى الذهن أين هي صور الأنبياء ومن ضمنهم صورة النبي صلى الله عليه وسلم الآن.
بحسب ما جاء في الرواية عن هشام بن العاص الأموي فإن هذه الصور بقيت محفوظة منذ عهد آدم عليه السلام أي منذ آلاف السنين .
وكما جاء في الرواية فهذه الصور أنزلها الله على آدم عندما طلب من ربه أن يريه الأنبياء من ذريته فكانت صورهم مصورة على قطع من الحرير الأسود والأبيض والأحمر.
فهي ليست رسومات كما قد يظن ولكنها صور حقيقية يشبهها ما نعرفه اليوم من صور فوتوغرافية لكن ليس على ورق وإنما على حرير بدليل أن الصحابيين عندما شاهدوا صورة النبي صلى الله عليه وسلم عرفوه على الفور.

فبحسب ما جاء في الرواية كانت الصور محفوظة في خزانة آدم عليه السلام عند مغرب الشمس وعندما بلغ ذو القرنين مغرب الشمس قام باستخراجها ودفعها إلى النبي دانيال عليه السلام .
والنبي دانيال عليه السلام يعتبر وارث علم الكتاب من بني إسرائيل .
وبحسب الرواية انتقلت الصور إلى ملوك الروم الذين حكموا في القسطنطينية وبلاد الشام وغيرها إلى أن وصلت إلى هرقل في الشام.
ومعلوم أن هرقل هذا بعد لقائه برسل المسلمين الذين دعوه للإسلام قد اجتاحت بلاده جيوش الفاتحين المسلمين زمن أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وبعدها انهزم نهائيا من الشام وغادرها إلى القسطنطينية.
ومن المرجح عندي وحسب رأيي أنه قد احتمل معه عند انسحابه من الشام خاصة بعد تسليمه دمشق صلحا للمسلمين كل ما غلت قيمته من النفائس ومنها صور الأنبياء هذه التي لا يوجد أنفس منها فبقيت عنده بالقسطنطينية ثم توارثها من خلفه من ملوك الروم إلى أن سقطت القسطنطينية زمن الحروب الصليبية بيد الفرنجة الصليبيين الذين اجتاحوها في طريقهم لغزو بيت المقدس وبلاد الشام.
وظني أن الصليبيين قد احتملوا معهم هذه الصور وأهدوها للبابا في روما الذي بارك حملتهم الصليبية وكانوا يدينون له بالطاعة فهي محفوظة إلى الآن في خزائن الفاتيكان والله تعالى أعلم.






تعليقات