قانون: كيف تحفظ المال والنعم من الزوال


اكتساب المال له طرقه التي يعرفها الناس لكن كيفية المحافظة على المال هو الفن الذي يظن معظم الناس أنهم يعرفونه بالادخار وكنزه وعدم الانفاق منه ومن مأمنه يؤتى الحذر.
ومن التجارب التي أخبرنا بها عليم خبير يتبين لنا بكل جلاء أن لحفظ النعمة والمال قانون من يسير عليه يفلح وينجح ومن يخالفه تزول  عنه النعمة وإن حرص أشد الحرص عليها، وإن توهم أنه ماهر في الادخار والاستثمار.
فكيف تحفظ المال والنعمة التي أنعم الله بها عليك 
لنرى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مالك الملك المتصرف في الخلق كيف يشاء والصلاة والسلام على نبيه محمد البشير النذير وعلى آله الطاهرين
كان إخوة قد ورثوا مزرعة من أبيهم، وكان يتصدق منها كثيراً .
فلما صار أمرها إليهم بعد وفاة والدهم استهجنوا أمر أبيهم وأرادوا استغلالها من غير أن يعطوا المحتاجين شيئاً.
 فعاقبهم الله أشد العقوبة . قال عزّ وجلّ : { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ * فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } القلم : 17-33.
، فالله سبحانه وتعالى يمتحن الناس ويختبرهم كما امتحن أصحاب الجنة حين حلفوا فيما بينهم، ليقطعُنَّ ثمار حديقتهم مبكِّرين في الصباح، فلا يَطْعَموا منها أحداً من المحتاجين وغيرهم، فأنزل اللّه عليها نارًا أحرقتها ليلا وهم نائمون، فأصبحت محترقة سوداء متفحمة.
فلما أصبحوا اندفعوا مسرعين، وهم يتسارُّون بالحديث فيما بينهم: بأن لا تمكِّنوا اليوم أحدا من المحتاجين من دخول حديقتكم. وانطلقوا على قصدهم السيِّئ في منع المساكين من ثمار الحديقة، وهم قادرين على تنفيذ ما أرادوا،.فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها، وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها، فلما عرفوا أنها هي جنتهم، قالوا: بل نحن محرومون خيرها؛ بسبب قصدنا السيء وعزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم وأعقلهم: ألم أقل لكم؟ قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه اللّه ربنا عن الظلم فيما أصابنا، بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بقصدنا السيِّئ. وأخذ بعضهم يلوم بعضاً يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر اللّه، عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا؛ بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون، راجون العفو، طالبون الخير. 
ومثل ذلك العقاب الذي عاقب الله به أصحاب الجنة بزوال نعمتهم هو عقابه في الدنيا لكل مَن خالف أمره وبخل بما آتاه اللّه من النعم فلم يؤدِّ حق اللّه فيها، ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا.
لهذا أمر الله تعالى بالصدقة من الثمار وحث على ذلك يوم حصادها كما قال { كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده }.
وقصة هؤلاء شبيهة بقوله تعالى: { وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون }.
فمن قدّم شيئاً على طاعة الله عُذّب به، وربما سُلب منه معاملة له بنقيض قصده.
ولا تنفع الندامة إذا جاء القدر، ولا يغتر أحد بما معه، وليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه.
وهو ما حصل أيضاً لصاحب الجنة الذي دخل جنته وهو ظالم لنفسه وقال ما أظن أن تبيد هذه أبدا، وقال له صاحبه قل ما شاء االله لا قوة إلا بالله، ولما أحيط بثمره أصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي حدا.. وهو ما جرى لقارون الذي قال عن كنوزه وأمواله إنما أوتيته على علم عندي فخسف الله به وبداره الأرض
ولا يغتر أحد بما يمدّ الله به الكافرين من مال وبنين فإنما هو استدراج لهم وإنما هي طيباتهم عجلت لهم في الحياة الدنيا وليس لهم في الآخرة إلا النار..
مال (نعمة) + إنفاق = بقاء واستمرار
مال (نعمة) - إنفاق = زوال

تعليقات