يبيع دينه حتى بدون عرض من الدنيا.. الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من عباده




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مالك الملك، المتصرف في الخلق، أمرنا بمحبة من يحبه، وببغض من يبغضه، له الحكم والأمر ، والصلاة والسلام على عبده المصطفى محمد، أمره ربه بقوله {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا} وصل الله على آله وسلم..
من يبيع دينه بعرض من الدنيا أكثر من أن يُحصَوا هذه الأيام.. فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من عباده وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ، بأن جنبنا ما وقعوا فيه ، وثبت أقدامنا فلم تزل كما زلت أقدام. وما التوفيق إلا من عند الله وعليه فليتوكل المتوكلون، عليه توكلت وإليه أنيب.
في إحدى صور النفاق، التي حذرنا الله منها في القرآن الكريم الذي بين أيدينا ونتلوه صباح مساء، يقول سبحانه فيمن يوالون أعداءه { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين } المائدة52 فهؤلاء نفر من المنتسبين للإسلام برروا موالاتهم لأعداء الله ومسارعتهم في إظهار الولاء لهم بخشيتهم أن تدور الأيام عليهم فأرادوا بإظهار ولائهم لهؤلاء الأعداء أن يرضوا عنهم ويكونوا إلى جانبهم.
ولأن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته أخبر الله هؤلاء المنافقين أن عاقبتهم الندم، ثم قال سبحانه {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنّ كثيراً منهم فاسقون}.
ولأن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ، فقد شددّ المولى عزّ وجل النكير على من يودُّ أعداءَه فقال {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} وقال {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم} وقال {لا تتخذوا بطانة من دونكم }.
بل وصل التحذير إلى عدم موالاة الأقارب المحادّين لله ورسوله {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم}.
ولأن من يتخذ عدو الله ولياً فهو مثله كما أخبر ربّ العزّة {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} ومن أحب قوماً حشر معهم وهو معهم يوم القيامة كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يدعَ اللهُ الناسَ لأهوائهم فقد قصَر عليهم من يجب عليهم أن يوالوه بقوله { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون* ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } فمن تولى غير هؤلاء لن تكون له الغلبة أبداً.
وقد سأل أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز يوماً جلساؤه هل تدرون من أحمقَ الناس؟ قالوا الذي يبيع آخرته بدنياه. قال: أحمقَ منه الذي يبيع آخرته بدنيا غيره.
وأنا أقول أحمقَ من الجميع من يبيع دينه حتى بدون أن يأخذ أي عرض من الدنيا.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم صلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.


 

تعليقات