كلب يقتل نفسه وفاء لصاحبه!



روى ابن الجوزي قال:
قدم رجل على بعض السلاطين وَكَانَ مَعَه عَامل إرمينية منصرفاً إِلَى منزله .
فَمر فِي طَرِيقه بمقبرة وَإِذا قبر عَلَيْهِ قبَّة مَبْنِيَّة مَكْتُوب عَلَيْهَا هَذَا قبر الْكَلْب فَمن أحب أَن يعلم خَبره فليمضِ إِلَى قَرْيَة كَذَا وَكَذَا فَإِن فِيهَا من يُخبرهُ .
فَسَأَلَ الرجل عَن الْقرْيَة فدلوه عَلَيْهَا فقصدها وَسَأَلَ أَهلهَا فدلوه على شيخ قد جَاوز الْمِائَة فَسَأَلَهُ.
 فَقَالَ كَانَ فِي هَذِه النَّاحِيَة ملك عَظِيم الشَّأْن وَكَانَ مشتهراً بالنزهة وَالصَّيْد وَالسّفر وَكَانَ لَهُ كلب قد رباه لَا يُفَارِقهُ.
 فَخرج يَوْمًا إِلَى بعض منتزهاته وَقَالَ لبَعض غلمانه قل للطباخ يصلح لنا ثردة لبن فقد اشتهيتها فأصلحوها وَمضى منتزهه.
 فَوجه الطباخ فجَاء بِلَبن وصنع لَهُ ثردة عَظِيمَة وَنسي أَن يغطيها بِشَيْء واشتغل بطبخ أَشْيَاء آخر .
فَخرج من بعض شقوق الْحِيطَان أَفْعَى فكرع فِي ذَلِك اللَّبن وَمَج فِي الثردة من سمه وَالْكَلب رابض يرى ذَلِك كُله.
 وَلَو كَانَ فِي الأفعى حِيلَة لدفعها .
وَكَانَ هُنَاكَ جَارِيَة طفلة خرساء زمنة قد رَأَتْ مَا صنع الأفعى .
ووافى الْملك من الصَّيْد فِي آخر النَّهَار فَقَالَ يَا غلْمَان أول مَا تقدمون إِلَى الثردة .
فَلَمَّا وضعت بَين يَدَيْهِ أَوْمَأت الخرساء إِلَيْهِ فَلم يفهم مَا تَقول ونبح الْكَلْب وَصَاح فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ .
ولج فِي الصياح فَلم يعلم مُرَاده فَأخذ وَرمى إِلَيْهِ بِمَا كَانَ يَرْمِي فِي كل يَوْم فَلم يقربهُ .
ولج فِي الصياح فَقَالَ للغلمان نَحوه عَنَّا فَإِن لَهُ قصَّة .
وَمد يَده إِلَى اللَّبن .
فَلَمَّا رَآهُ الْكَلْب يُرِيد أَن يَأْكُل قفز إِلَى وسط الْمَائِدَة وَأدْخل فَمه بالإناءوكرع من اللَّبن فَسقط مَيتا .
 وَبَقِي الْملك مُتَعَجِّبا مِنْهُ وَمن فعله فأومأت الخرساء إِلَيْهِم ففهموا مرادها بِمَا صنع الْكَلْب .
فَقَالَ الْملك لندمائه وحاشيته أَن من فداني بِنَفسِهِ لحقيق بالمكافأة وَمَا يحملهُ ويدفنه غَيْرِي فدفنه وَبنى عَلَيْهِ قبَّة وَكتب عَلَيْهَا مَا قَرَأت.

تعليقات