عجائب والقضاء والقدر و25 فائدة من قصة جريج



عجائب القضاء والقدر.. و25 فائدة في قصة جريج
هل تعلم أنك أنت تؤثر بالعالم من حولك ويتأثر العالم كله بك..
كيف يجري القضاء والقدر على الناس
اعرف ذلك بقصة قصيرة بسيطة؟
لنرى

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
في الحديث الصحيح: كان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يتعبد في صومعته
فأتته أمه ذات يوم فنادته فقالت: يا جريج أي بني أنا أمك كلمني.
قال: يا رب: أمي وصلاتي فاختار صلاته.
فرجعت ثم أتته فصادفته يصلي .
فقالت: يا جريج أنا أمك فكلمني.
فقال: يا رب أمي وصلاتي، فاختار صلاته.
فقالت: اللهم هذا جريج، وإنه ابني وإني كلّمته فأبى أن يُكلمني. اللهم فلا تُمته حتى تُريه المومسا
ولو دعت عليه أن يُفتن لافتُتِن.
وذكر بنو إسرائيل عبادة جريج فقالت بغي منهم: لئن شئتم لأفتننه، فقالوا : قد شئنا ذلك.
فأتته فتعرضت له فلم يلتفت إليها.
وكان راعٍ يأوي إلى ظل صومعة جريج فأمكنته من نفسها فوقع عليها الراعي فحملت.
وكان من زنى منهم قتل.
فولدت غلاماً فقالوا ممن هذا؟!
فقالت هو من صاحب الدير.
فأتوه وشتموه وضربوه وأقبلوا بفؤوسهم ومساحيهم يهدمون صومعته.
فنزل إليهم فقال ما شأنكم؟ 
فقالوا: سل هذه المرأة، إنك زنيت بهذه البغي فولدت غلاما.
وجعلوا في عنقه وعنقها حبلاً فجعلوا يطوفون بهما في الناس.
ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟
قال : أبي فلان راعي الضأن.
فقبّلوه وقالوا يا جريج نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة، قال: لا، ولكن أعيدوه كما كان ففعلوا".

في القصة جوانب كثيرة مهمة..
منها أن التفرغ لعبادة الله لا يعني التقصير في الواجبات الأخرى وأداء الحقوق للآخرين.
ومنها الفقه في الدين وترتيب الأولويات والموازنة الحكيمة في أداء الطاعات عند تزاحمها.
ومنها وجوب طاعة الابن لأمه وأبيه وتلبية حاجتهما واجتناب غضبهما.
ومنها خطورة دعوة الأم على ابنها، فلا تتسرع بالدعاء على ابنها عند كل كبيرة وصغيرة فلعل أبواب السماء تكون مفتوحة فيستجاب دعاؤها ويصيب ابنها البلاء.
ومنها أن الابتلاءات تقع بالمؤمن حتى لو كان طائعاً لله مشهود له بالصلاح ، وهذا الابتلاء يكون لصالح المؤمن تكفيراً لسيئاته ورفعاً لدرجاته.
ومنها أن أهل الباطل والفسوق والعصيان لا يتركون أهل الحق والاستقامة حتى لو تركوهم واعتزلوهم وأنهم يمكرون بهم ويدبرون لهم المكائد ويخططون سراً وجهراً لإسقاطهم.
ومنها جرأة بني إسرائيل وافترائهم على الصالحين  وسعيهم في الأرض بالفساد واستخدامهم للوسائل القذرة لبلوغ أغراضهم.
ومنها أن فتنة النساء من أعظم الفتن في هذه الحياة، وأن استخدام المرأة كسلاح فتاك أسلوب قديم حديث لبلوغ غايات لا تبلغها الوسائل الأخرى.
ومنها بيان حجم الشر الذي تمثله فاحشة الزنا من هتك للأعراض وخلط للأنساب وتشويه لسمعة الناس لذا شدد الشارع الحكيم في التحذير من الاقتراب منها وشدد العقوبة على مرتكبها جلداً أو رجماً.
ومنها أن على المسلم ألا يلتفت إلى المغريات المودية إلى الحرام والتي تعرض له في كل حين رغماً عنه.
ومنها أن كيد النساء عظيم.
ومنها أن جار السوء شؤم على جيرانه ويفتح عليهم باباً من الشرور بمعاصيه ويصيبهم ضرره.
ومنها أن بعض الاحكام والعقوبات التي شرعها الله لم تتغير بتغير الرسالات والأنبياء مثل حكم الزنا.
ومنها أن المبطلين عندما يطعنوا ويشوهوا أهل الصلاح فإنما يريدون الطعن في استقامتهم ودينهم ومنهجهم أكثر من قصد أشخاصهم.
ومنها أن الاعتداء بالضرب والشتم والإيذاء والإهانة الشديدة والحطّ من قدره أمام الناس والسخرية والافتراء لم يسلم منه الأنبياء ولا الصديقين ولا الصالحين فليوطّن المؤمن نفسه على احتمال الأذى.
ومنها أن هدم أماكن العبادة وتخريبها ومنع ذكر الله فيها طريقة سيئة يستخدمها أهل الفجور منذ القدم.
ومنها أن المؤمن ينتفض ويتحرك إذا انتهكت حرمات الله أكثر من غضبه إذا أسيء إلى شخصه.
ومنها أن الله ينزل كراماته على من يشاء من عباده.
ومنها أن العبد إذا اتقى ربه جعل له من كل ضيق وهم مخرجاً وفرّج كربه من حيث لا يحتسب.
ومنها تحذير لمن يظن نفسه قوياً ويستطيل على من لا يجد له ناصراً له إلا الله فإن غضب الله يشتد على من يظلم من لا يجد له ناصراً سواه.
ومنها أن الله قادر على كل شيء وأن قدرته مطلقة لا حدّ لها.
ومنها أن الله ينجي عباده الصالحين من مكر أعدائهم إذا شاء بالكيفية التي يشاء وبما لا يخطر على البال.
ومنها تواضع عباد الله الصالحين في لحظة انتصارهم وظهورهم على أعدائهم.
ومنها أن من الناس من لا يقبل الحق ولا يرتدع عن غيه إلا إذا وقعت أمامه معجزة تبهره.

وتظهر في قصة جريج عجائب قضاء الله وقدره .فهو سبحانه قد قدّر مقادير الخلائق وكتبها عنده قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة .
فكل ما يجري في الكون قدّره تقديراً فالله هو الذي قدّر في الأزل أن جريج العابد سيتعرض للابتلاء والامتحان.
وهو الذي قضى وقدّر أن ينشغل جريج في صلاته عن الاستجابة لنداء أمه لحكمة بالغة يريدها سبحانه.
وهو الذي قدّر أن أم جريج لا تصبر على ابنها حتى ينتهي من صلاته وتضجر منه ويصل بها الحال لأن تدعو عليه بأن يتعرض لفتنة المومسات ، وهي دعوة لا توجد أم يرضى قلبها بأن تدعو على ابنها بمثلها.. ولكنها جاءت ليقضي الله أمراً كان مفعولا.
وتتفاعل أقدار الله مع بعضها ليصير ما يريد، فتلاقت دعوة أمه عليه بأن يفتن في ذات الوقت الذي تذاكر فيه بنو إسرائيل سيرة جريج وقرروا أن يفتنوه!
كما تلاقت دعوة أمه بأن تكون فتنته عن طريق"المومسات" باستعداد تلك المومسة من بني إسرائيل على فتنته!. 
وتلاقت رغبة بني إسرائيل بفتنته برغبة البغي في فتنته، وتلاقت رغبة البغي برغبة الراعي المستعد للزنا بها!
وقدّر الله أن يكون الراعي المقدّر له ارتكاب الفاحشة يأوي إلى ظل صومعة جريج فسهل على الزانية عملها وسهل عليها توجيه التهمة لصاحب الصومعة بالفاحشة!
وكان يمكن أن تمر حادثة ارتكاب جريمة الزنا دون أن يدري بها أحد خاصة وأن مرتكبتها امرأة بغي، لكن الله قدّر أن يظهر الزنا وتظهر آثاره بحمل البغي ثم ولادتها للصبي.
وهكذا استجيبت دعوة الأم وحقق بنو إسرائيل رغبتهم في فتنة جريج العابد لتظهر حكمة الله البالغة بعد هذه الأحداث فتحدث المعجزة والكرامة على مسمع ومرأى بني إسرائيل وينطق الصبي الوليد مبرئاً العابد من التهمة التي أُلصقت به، وعندها عرف بنو إسرائيل قدر جريج الذي كانوا ينتقصونه وعادوا إلى رشدهم ومن فرط تأثرهم بما جرى يعرضون عليه أن يبنوا له صومعته التي هدموها بالذهب والفضة.
وهكذا تجري أقدار الله على الناس فيبتليهم بالشر والخير ليكون ما يريد فيهدي من يشاء ويُضلّ من يشاء ويرفع من يشاء ويضع من يشاء.

 

تعليقات